نوري المالكي .. من المنفى إلى حكم العراق

نوري المالكي

نوري المالكي

نوري كامل محمد حسن المالكي، أحد الشخصيات السياسية العراقية، والتي برز تأثيرها في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق في عام 2003. 

تسلم منصب رئيس الوزراء في فترة مليئة بالتحديات الأمنية والسياسية، ولعب دورا في تشكيل العملية السياسية العراقية الجديدة. 

نسب وقبيلة نوري المالكي 

ولد نوري المالكي في 20 يونيو 1950 في قضاء طويريج “الهندية” بمحافظة بابل في العراق، متزوج وله اربعة بنات وولد.

ينتمي المالكي إلى عائلة ذات مكانة مرموقة في قبيلة بني مالك العربية، حيث كان جده، محمد حسن أبو المحاسن، شخصية بارزة وقياديا في ثورة العشرين، كما شغل منصب وزير المعارف في العهد الملكي عام 1925. 

وقبيلة بني مالك هي إحدى القبائل العربية العريقة التي تنتشر في مناطق متعددة من العراق، خاصة في محافظات البصرة والعمارة والناصرية والسماوة والديوانية.

وتتميز قبيلة بني مالك بتمسكها بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة، بما في ذلك الكرم والشجاعة والتمسك بالقيم الدينية. 

كما أن لقبيلة بني مالك دورا مهما في الحفاظ على التراث الثقافي والأدبي في مناطق تواجدها.

نشأة نوري المالكي وحياته المبكرة

أكمل نوري المالكي دراسته الجامعية بحصوله على شهادة البكالوريوس من كلية أصول الدين في بغداد، ثم نال شهادة الماجستير في اللغة العربية من جامعة صلاح الدين في أربيل. 

انضم نوري المالكي إلى حزب الدعوة الإسلامية عام 1970، حيث شغل موقعًا قياديا في الحزب وتولى مسؤولية تنظيم أنشطته داخل العراق خلال فترة وجوده في المنفى. 

رئيس الوزراء نوري المالكي

منفى نوري المالكي والعمل السياسي

في عام 1980، أصدر نظام صدام حسين قرارا يقضي بحظر حزب الدعوة وتجريم نشاطه، مما وضع أعضاء الحزب أمام خطر الإعدام. 

على إثر ذلك، اضطر المالكي وعدد من أعضاء الحزب إلى الهروب من البلاد، واستقر في سوريا حتى عام 1982، قبل أن ينتقل إلى إيران لفترة قصيرة. 

لاحقًا، عاد المالكي إلى سوريا واستمر في الإقامة هناك حتى الاجتياح الأمريكي للعراق.

أشرف المالكي على صحيفة “الموقف” المعارضة التي كانت تصدر من دمشق، وشارك بفعالية في مؤتمرات المعارضة العراقية، بما في ذلك رئاسته للهيئة المشرفة على مؤتمر المعارضة في بيروت عام 1990.

عودة نوري المالكي إلى العراق

بعد سقوط نظام صدام حسين في أبريل 2003، عاد نوري المالكي إلى العراق وبدأ في لعب دور بارز في العملية السياسية الجديدة:

  • مجلس الحكم الانتقالي: عُيّن نوري المالكي عضوا مناوبا في مجلس الحكم الانتقالي، الذي تأسس في 13 يوليو 2003 من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة، ليمثل مختلف الطوائف والاتجاهات السياسية في العراق.
  • المجلس الوطني المؤقت: شغل نوري المالكي منصب نائب رئيس المجلس الوطني المؤقت، الذي تأسس لتمثيل الشعب العراقي والمساهمة في العملية التشريعية خلال الفترة الانتقالية، ثم نائب رئيس “هيئة اجتثاث البعث” التي أسسها الحاكم الأميركي بول بريمر بين عامي 2003 و2004·
  • كتلة الائتلاف العراقي الموحد: ساهم المالكي في تأسيس كتلة الائتلاف العراقي الموحد، التي ضمت مجموعة من الأحزاب الشيعية البارزة، وأصبح الناطق الرسمي باسمها.
  • صياغة الدستور العراقي: شارك المالكي بفعالية كعضو في لجنة صياغة الدستور العراقي، التي تشكلت لوضع دستور دائم للبلاد، حيث ساهم في مناقشة وإعداد بنود الدستور الجديد.

كما لعب نوري المالكي دورا بارزا في الدفع نحو سن “قانون مكافحة الإرهاب” داخل البرلمان العراقي·

نوري المالكي وتشكيل أول حكومة عراقية منتخبة

في مايو/أيار 2006، كُلّف نوري المالكي بتشكيل أول حكومة عراقية دائمة منتخبة، بعد أن سحب رئيس الوزراء السابق، إبراهيم الجعفري، ترشيحه للمنصب نتيجة معارضة من الكتل السنية والكردية. 

واجهت حكومة المالكي تحديات أمنية كبيرة، حيث شهدت البلاد تصاعدا في أعمال العنف الطائفي، بما في ذلك عمليات الخطف والتهجير والقتل. 

استجابة لذلك، أطلق المالكي في عام 2007 خطة “فرض القانون”، التي تضمنت عمليات عسكرية مثل “صولة الفرسان” ضد جيش المهدي في البصرة ومناطق أخرى، و”أم الربيعين” في الموصل لتفكيك تنظيم القاعدة. 

كما وقع المالكي على تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام حسين، الذي صدر عن محكمة عراقية. 

على الصعيد الدولي، وقع المالكي في نهاية عام 2008 اتفاقية مع الولايات المتحدة لتنظيم انسحاب القوات الأمريكية من العراق. 

نوري المالكي والحكومة الثانية 

بعد انتخابات آذار 2010، التي أسفرت عن فوز القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي بـ91 مقعدا، وحصول ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي على 89 مقعدا، شهدت الساحة السياسية العراقية حالة من الجمود استمرت لعدة أشهر بسبب الخلافات حول تشكيل الحكومة الجديدة.

بعد مفاوضات استمرت ثمانية أشهر، تمكن المالكي من الحصول على دعم معظم الكتل البرلمانية، بما في ذلك التحالف الوطني والتحالف الكردستاني، مما أتاح له تشكيل حكومته الثانية التي أُعلن عنها في 22 كانون الأول 2010. 

خلال فترة ولايته الثانية، واجهت حكومة المالكي تحديات أمنية وسياسية كبيرة، أبرزها تصاعد التوترات الطائفية وظهور تنظيم “داعش” الذي تمكن من السيطرة على أجزاء واسعة من العراق في عام 2014.

في آب 2014، وبعد تصاعد الضغوط السياسية، أعلن المالكي عدم ترشحه لولاية ثالثة، وتم تكليف حيدر العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة. 

نوري المالكي نائب رئيس الجمهورية (2014-2015)

بعد انتهاء ولايته الثانية كرئيس للوزراء في عام 2014، استمر نوري المالكي في لعب دور مؤثر في الساحة السياسية العراقية

في 9 سبتمبر 2014، عُيّن المالكي نائبا لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم، إلى جانب إياد علاوي وأسامة النجيفي. 

استمر في هذا المنصب حتى 11 أغسطس 2015، عندما أُلغيت مناصب نواب رئيس الجمهورية كجزء من حزمة إصلاحات أعلنها رئيس الوزراء حيدر العبادي استجابةً للاحتجاجات الشعبية ضد الفساد وسوء الإدارة. 

رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي

دور نوري المالكي في الحياة السياسية بعد ترك رئاسة الوزراء

بعد مغادرته لمنصب رئيس الوزراء، حافظ المالكي على نفوذه السياسي بصفته الأمين العام لحزب الدعوة الاسلامية ورئيس ائتلاف دولة القانون. 

كذلك واصل المالكي نشاطه السياسي من خلال ائتلاف دولة القانون، الذي حصل على 92 مقعدا في انتخابات 2014. 

وعلى الرغم من هذه التحديات، لا يزال المالكي شخصية بارزة في المشهد السياسي العراقي، مستمرا في الدفاع عن سياساته السابقة والتأثير في القرارات السياسية من خلال كتلته البرلمانية وتحالفاته الإقليمية.

أبرز إنجازات نوري المالكي

أبرز إنجازات نوري المالكي خلال مسيرته السياسية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

تشكيل أول حكومة عراقية دائمة منتخبة (2006):

بعد أزمة سياسية استمرت أشهر، تولى المالكي رئاسة أول حكومة دائمة منتخبة في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين.

قاد الحكومة خلال فترة صعبة شهدت تصاعد العنف الطائفي والاضطرابات الأمنية.

إطلاق خطط أمنية لتحسين الوضع الأمني:

أطلق المالكي خطة “فرض القانون” في عام 2007 للحد من العنف الطائفي، خاصة في بغداد.

قاد عمليات عسكرية بارزة مثل “صولة الفرسان” في البصرة و”أم الربيعين” في الموصل لاستعادة السيطرة من الميليشيات والتنظيمات المسلحة.

التوقيع على اتفاقية سحب القوات الأمريكية:

في عام 2008، وقع المالكي اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، التي نظمت انسحاب القوات الأمريكية من العراق بحلول نهاية 2011.

صياغة الدستور العراقي:

لعب دورا رئيسيا كعضو في لجنة صياغة الدستور العراقي الدائم، الذي أُقر في استفتاء عام 2005.

تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام حسين

وقع المالكي على تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام حسين، وهو حدث بارز في تاريخ العراق الحديث.

تحسين الوضع الأمني في العراق 

خطة فرض القانون (2007): أطلق المالكي هذه الخطة لتعزيز الأمن ومكافحة الميليشيات والجماعات المسلحة، مما أدى إلى تحسن ملحوظ في الوضع الأمني في العراق· 

عملية صولة الفرسان (2008): قاد حملة عسكرية ضد جيش المهدي في البصرة ومدن أخرى، بهدف فرض سيطرة الدولة على المناطق التي كانت تحت نفوذ الميليشيات· 

تأسيس ائتلاف دولة القانون

أسس ائتلاف دولة القانون ككيان سياسي رئيسي، وساهم في توحيد القوى الشيعية داخل التحالف الوطني.

تطوير قطاع النفط

عملت حكومته على زيادة إنتاج النفط وتوقيع عقود مع شركات دولية، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني·

اقرا ايضا: عام 2024 يمر والعراق يغرق في مستنقع الفساد

مشاركة عبر:
Facebook
LinkedIn
X
WhatsApp
Telegram

اخبار مختارة

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي