شارع المتنبي .. قلب بغداد الثقافي وأيقونة الفكر والأدب

شارع المتنبي

شارع المتنبي

في قلب العاصمة العراقية بغداد، وعلى ضفاف دجلة، ينبض شارع المتنبي بالحياة كواحد من أقدم وأشهر الشوارع الثقافية في العالم العربي.

إنه ليس مجرد شارع، بل هو رحلة عبر الزمن، تحمل بين طياتها عبق التاريخ ووهج المعرفة.

منذ تأسيسه في أواخر القرن التاسع عشر، أصبح المتنبي ملاذا للمثقفين، والكتاب، والشعراء، وملتقى لعشاق الكتب النادرة والمخطوطات القيمة.

على امتداد هذا الشارع العريق، تتناثر المكتبات ودور النشر، ويصدح صدى الحوارات الفكرية والنقاشات الأدبية بين رفوف الكتب التي تحكي قصص حضارات بأكملها.

ولعل يوم الجمعة هو الأكثر تميزا، حيث يزدان المتنبي بزخم الزوار من مختلف الشرائح، يجوبونه بحثا عن كنوز معرفية بين أكشاك الكتب والمقاهي الثقافية.

ورغم ما شهده الشارع من تحديات على مر السنين، ظل شامخا كرمز لصمود الثقافة العراقية أمام المحن.

فالمتنبي ليس مجرد شارع، بل هو روح بغداد الثقافية، ومرآة تعكس شغف أهلها بالعلم والأدب، ممّا يجعله محطة لا تنسى لكل من يزور بغداد بحثا عن عبق الحضارة وروعة الإبداع.

اين يقع شارع المتنبي

شارع المتنبي موقع

شارع المتنبي يقع في قلب العاصمة العراقية بغداد، بالقرب من منطقة الميدان التاريخية، على الضفة الشرقية لنهر دجلة.

يعتبر الشارع جزءا من المنطقة المركزية في بغداد، ويتميز بموقعه القريب من العديد من المعالم التاريخية والثقافية المهمة في المدينة، مثل منطقة الرصافة وشارع الرشيد، ممّا يجعله نقطة جذب للزوار والمثقفين وعشاق الكتب.

اقرا أيضا: نور زهير وسرقة القرن .. الاحتيال المالي الأكبر في تاريخ العراق

شارع المتنبي في بغداد

تاريخ شارع المتنبي

يعود تاريخ شارع المتنبي إلى العصر العباسي، حيث كانت بغداد عاصمة العالم الإسلامي ومركزا للإشعاع الثقافي والعلمي.

في تلك الفترة، كانت المدينة تضم العديد من المكتبات ودور العلم التي اجتذبت العلماء والأدباء من مختلف أنحاء العالم.

ومع مرور الزمن، تحول شارع المتنبي إلى مركز للثقافة والمعرفة، حيث انتشرت فيه المكتبات ودور النشر التي كانت تقدم الكتب والمخطوطات النادرة.

في العصر الحديث، أصبح الشارع وجهة رئيسية لعشاق القراءة والبحث عن الكتب النادرة.

يقال إن الشارع كان يضم في فترة من الفترات أكثر من مئة مكتبة، ممّا جعله مقصدا للباحثين والطلاب والأكاديميين.

ومع مرور السنوات، تحول إلى رمزا للثقافة العراقية، حيث يجسد روح بغداد كمدينة للعلم والأدب.

سبب تسمية شارع المتنبي

أبو الطيب المتنبي

سمي شارع المتنبي بهذا الاسم نسبة إلى الشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي، الذي يعتبر أحد أعظم الشعراء في التاريخ العربي.

ولد المتنبي في الكوفة عام 915م، واشتهر بقصائده التي تمتاز بالفصاحة والبلاغة والحكمة، والتي لا تزال تدرس وتقرأ حتى يومنا هذا.

اختير اسم المتنبي لهذا الشارع بسبب مكانته الأدبية والثقافية العالية، حيث يعتبر الشارع رمزا للثقافة والأدب في بغداد.

تمثال المتنبي في شارع المتنبي

الهندسة المعمارية لشارع المتنبي

يتميز شارع المتنبي بهندسته المعمارية الفريدة التي تعكس الطابع التراثي لبغداد.

المباني القديمة ذات الطابع الإسلامي والعربي، مع تفاصيلها الزخرفية الجميلة، تضفي على الشارع جمالا أخاذاً.

الأزقة الضيقة والممرات المليئة بالكتب تخلق جوا ساحرا يجعل الزائر يشعر وكأنه يعود بالزمن إلى الوراء، إلى عصر كانت فيه بغداد مركزا للعلم والثقافة.

أحد أبرز معالم الشارع هو مبنى “قهوة الشهيد”، الذي يعتبر من أقدم المقاهي الثقافية في بغداد.

كانت هذه القهوة مكانا لالتقاء الأدباء والمفكرين والشعراء الذين كانوا يناقشون قضايا الأدب والفكر والسياسة.

اليوم، لا تزال القهوة تحتفظ بذلك الطابع الثقافي، حيث يقصدها الكُتّاب والمثقفون للحديث وتبادل الأفكار.

مكتبات شارع المتنبي

يعد شارع المتنبي موطنا للعديد من المكتبات ودور النشر التي تقدم مجموعة واسعة من الكتب في مختلف المجالات.

من الكتب الأدبية إلى الكتب العلمية، ومن المخطوطات القديمة إلى الإصدارات الحديثة، يمكن للزائر أن يجد كل ما يبحث عنه في هذا الشارع.

تشتهر المكتبات في شارع المتنبي باحتوائها على كتب نادرة ومخطوطات قديمة يصعب العثور عليها في أماكن أخرى.

أشهر المكتبات في شارع المتنبي

مكتبة المتنبي

تعتبر مكتبة المتنبي من المكتبات البارزة في شارع المتنبي، والتي تحمل اسم الشارع نفسه، ممّا يعكس مكانتها الثقافية العالية.

تشتهر المكتبة بتوفير مجموعة واسعة من الكتب في مختلف المجالات، بما في ذلك الأدب العربي والعالمي، والفلسفة، والتاريخ، والعلوم الاجتماعية.

تعتبر وجهة مثقفين وباحثين وطلاب، حيث توفر كتبا نادرة ومراجع قيمة.

بالإضافة إلى ذلك، تتميز المكتبة بجوها الثقافي الذي يجعلها مكانا مثاليا للقراءة والاستكشاف.

اقرا أيضا: البنك المركزي العراقي والمصارف العراقية

مكتبة المدى

تعد مكتبة المدى من أبرز المكتبات، حيث تشتهر بوجود مجموعة واسعة من الكتب في مختلف المجالات، من الأدب إلى العلوم والفلسفة.

تعتبر وجهة للمثقفين والطلاب والباحثين، وتقدم خدمات مميزة مثل توفير كتب نادرة وطبعات حديثة.

تتميز المكتبة بجوها الثقافي الذي يجعلها مكانا مناسبا للقراءة والاستكشاف.

مكتبة النهضة

تعتبر مكتبة النهضة من المكتبات العريقة، وتشتهر بتركيزها على الكتب الأكاديمية والمراجع العلمية.

توفر للزوار إمكانية الوصول إلى مصادر معرفية متنوعة، ممّا يجعلها مقصدا للباحثين والطلاب.

كما تقدم خدمات مثل البحث عن الكتب النادرة وتوفير طلبات خاصة.

مكتبة الوراق

تعرف مكتبة الوراق بكونها منارة ثقافية، حيث تقدم مجموعة كبيرة من الكتب العربية والأجنبية.

تشتهر بتركيزها على الأدب الكلاسيكي والحديث، بالإضافة إلى الكتب التاريخية.

تعتبر مكانا مثاليا لعشاق القراءة الذين يبحثون عن كتب قيمة ونادرة.

مكتبة الشروق

تعتبر مكتبة الشروق من المكتبات المميزة، حيث تقدم مجموعة واسعة من الكتب في مختلف المجالات، بما في ذلك الأدب والفنون والعلوم الإنسانية.

تشتهر بوجود كتب حديثة وطبعات فاخرة، ممّا يجعلها مقصدًا للمهتمين بالثقافة والمعرفة.

مكتبة الأندلس

تعد مكتبة الأندلس من المكتبات البارزة، وتشتهر بوجود مجموعة كبيرة من الكتب العربية والإسلامية.

تعتبر وجهة للباحثين في التاريخ والتراث الإسلامي، كما توفر كتبا في الأدب والفلسفة.

تتميز بجوها الهادئ الذي يشجع على القراءة والاستفادة.

مكتبة الجمل

تعتبر مكتبة الجمل من المكتبات المهمة، حيث تقدم مجموعة متنوعة من الكتب في الأدب والفنون والعلوم الاجتماعية.

تشتهر بوجود كتب نادرة وطبعات قديمة، ممّا يجعلها مقصدا للباحثين والمهتمين بالثقافة.

مكتبة بغداد

تعد مكتبة بغداد من المكتبات العريقة، وتشتهر بوجود مجموعة كبيرة من الكتب في مختلف المجالات، من الأدب إلى العلوم.

تعتبر وجهة للباحثين والطلاب، كما توفر كتبًا نادرة ومراجع قيمة.

مكتبة دار السلام

تعتبر مكتبة دار السلام من المكتبات المميزة، حيث تقدم مجموعة واسعة من الكتب الدينية والأدبية.

تشتهر بوجود كتب في التفسير والفقه والحديث، بالإضافة إلى الأدب العربي.

مكتبة التفسير

تعد مكتبة التفسير من المكتبات المتخصصة، حيث تركز على الكتب الدينية والتفاسير القرآنية.

تشتهر بوجود مجموعة كبيرة من الكتب في علوم القرآن والحديث، ممّا يجعلها مقصدا للباحثين في العلوم الإسلامية.

الفعاليات الثقافية والأدبية في شارع المتنبي

لا يقتصر دوره على بيع الكتب فحسب، بل يعتبر أيضا مركزا للفعاليات الثقافية والأدبية.

يتم تنظيم العديد من الندوات والمحاضرات وورش العمل التي تستضيف كبار الكُتاب والشعراء والمفكرين من العراق والعالم العربي.

هذه الفعاليات تجذب جمهورا كبيرا من عشاق الأدب والثقافة، ممّا يجعل الشارع مكانا حيويا للنقاش وتبادل الأفكار.

أحد أبرز الفعاليات التي تقام فيه “مهرجان المتنبي الثقافي”، الذي يقام سنويا ويجذب آلاف الزوار من داخل العراق وخارجه.

خلال المهرجان، يتم تنظيم معارض للكتب، وعروض فنية، وندوات أدبية، وحفلات موسيقية، ممّا يجعل الشارع يتحول إلى ساحة ثقافية كبيرة.

اقرا أيضا: النجف الاشرف .. ترابط الدين والتاريخ

مكتبات شارع المتنبي

التحديات والصعوبات

على الرغم من مكانته الثقافية المرموقة، واجه شارع المتنبي العديد من التحديات والصعوبات على مر السنين.

خلال فترة الحرب الأهلية في العراق، تعرض الشارع للعديد من الهجمات التي أدت إلى تدمير بعض المكتبات والمباني التاريخية.

ومع ذلك، استمر الشارع في الصمود، حيث أعاد أهالي بغداد والمثقفون بناءه وإحياءه مرة أخرى.

في عام 2007، تعرض الشارع لهجوم إرهابي أدى إلى مقتل العشرات من الزوار وتدمير العديد من المكتبات.

كان هذا الهجوم صدمة كبيرة لعشاق الثقافة والأدب، لكنه لم يثن العراقيين عن إعادة إعمار الشارع وإعادته إلى سابق عهده.

اليوم، يعود شارع المتنبي ليكون مركزا للثقافة والأدب، حيث يجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.

مقهى الشابندر

مقهى الشابندر هو أحد أقدم المقاهي في بغداد، تأسس عام 1917.

تقع في نهاية شارع المتنبي بالقرب من مبنى القشلة، المبنى كان سابقا “مطبعة الشابندر” التي أسسها موسى الشابندر عام 1907. ​

في عام 1963، تولى محمد الخشالي إدارة المقهى واستمر في ذلك حتى وفاته في يناير 2025.

وفي عام 2007، تعرض المقهى لتفجير أدى إلى مقتل أربعة من أبناء الخشالي وحفيده، وتم ترميمه وإعادة افتتاحه لاحقا. ​

يعتبر مقهى الشابندر ملتقى للمثقفين والأدباء والسياسيين، ومكانا لمناقشة الشؤون الثقافية والفنية والسياسية. ​

في فبراير 2025، تم تجسيد مقهى الشابندر في مهرجان “بين ثقافتين” في الرياض، ممّا يعكس مكانته الثقافية البارزة.

شارع المتنبي في العصر الحديث

في العصر الحديث، أصبح شارع المتنبي ليس فقط مكانا لبيع الكتب، بل أيضا وجهة سياحية وثقافية مهمة.

الزوار الذين يقصدون الشارع يمكنهم الاستمتاع بجو فريد من نوعه، حيث يجدون أنفسهم محاطين بالكتب من كل جانب، بالإضافة إلى الأصوات الحية للبائعين الذين ينادون على عناوين الكتب.

كما أصبح الشارع مكانا لالتقاء الشباب والمثقفين الذين يبحثون عن مكانٍ هادئ للقراءة أو النقاش.

العديد من المقاهي الصغيرة التي تنتشر في الشارع توفر للزوار مكانا للاسترخاء وقراءة الكتب أو التحدث مع الأصدقاء.

هذه المقاهي تُضفي على الشارع طابعا اجتماعيا يجعل منه مكانا ليس فقط للثقافة، بل أيضا للتواصل الإنساني.

موقع شارع المتنبي على الخريطة

https://maps.app.goo.gl/QB51qj6M8F6ysnTr6

شارع المتنبي ليلا

صور شارع المتنبي ليلا

اقرا أيضا: مقبرة وادي السلام.. أكبر مقبرة في العالم الإسلامي

مشاركة عبر:
Facebook
LinkedIn
X
WhatsApp
Telegram

اخبار مختارة

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي