زها حديد
المهندسة زها حديد
زها حديد، الاسم الذي أصبح مرادفا للإبداع والتفرد في عالم العمارة.
هي واحدة من أبرز الشخصيات العراقية التي تركت بصمة لا تنسى في تصميم المباني والهياكل حول العالم.
نشأت زها في بيئة مفعمة بالتحفيز والإلهام، ممّا ساعدها على تطوير حبها للفن والهندسة منذ سن مبكرة.
زها حديد من اي محافظة
ولدت زها حديد بالعاصمة العراقية بغداد في 31 أكتوبر 1950 لعائلة موصلية الأصل.
تلقت تعليمها الابتدائي والثانوي في مدرسة الراهبات الأهلية.
منذ صغرها، أظهرت زها شغفا بالتصميم والهندسة، ممّا قادها لاحقا إلى دراسة الرياضيات في الجامعة الأمريكية ببيروت، ثم العمارة في الجمعية المعمارية في لندن.
دراسة زها حديد
تلقت زها حديد تعليمها الأساسي في العراق، حيث أظهرت تفوقا في الرياضيات والعلوم.
لاحقا، درست الرياضيات في الجامعة الأمريكية في بيروت، وهو المجال الذي منحها أساسا قويا للتفكير التحليلي.
بعد ذلك، انتقلت إلى لندن لدراسة الهندسة المعمارية في الجمعية المعمارية (Architectural Association)، وهي واحدة من أبرز المؤسسات في هذا المجال.
هناك، تأثرت بأفكار الأساتذة والمصممين المبتكرين، مثل ريم كولهاس، الذين شجعوها على التفكير خارج الصندوق وتحدي التقاليد.
المسيرة المهنية لزها حديد
بعد تخرجها، بدأت زها العمل في مكتب ريم كولهاس، حيث اكتسبت خبرة واسعة وبدأت في تطوير أسلوبها الفريد.
في عام 1980، أسست مكتبها الخاص في لندن، والذي أطلقت عليه اسم “زها حديد للمهندسين المعماريين” (Zaha Hadid Architects).
كان أسلوبها التصميمي مميزا منذ البداية، حيث ركزت على استخدام الأشكال الديناميكية والانسيابية التي تبدو وكأنها تتحدى قوانين الجاذبية.
اقرا ايضا: نوري المالكي .. من المنفى إلى حكم العراق
أعمال زها حديد
تصاميم زها حديد
زها حديد، المعمارية العراقية البريطانية، تعتبر من أبرز رواد العمارة التفكيكية، وقد تركت بصمة لا تمحى في مجال التصميم المعماري الحديث.
تميزت أعمالها بالتصاميم الديناميكية والانسيابية التي تتحدى الجاذبية وتكسر القوالب التقليدية، وفيما يلي نظرة على بعض أبرز مشاريعها حول العالم:
مركز حيدر علييف – باكو، أذربيجان (2012)
مركز حيدر علييف هو مجمع معماري يمتد على مساحة 57,500 متر مربع ويقع في وسط العاصمة الأذربيجانية باكو.
ويعتبر رمزا للنهضة الثقافية في أذربيجان.
صممت المركز المهندسة المعمارية الشهيرة زها حديد، حيث جسدت من خلاله رؤيتها العمرانية التي كانت تراودها منذ بدايات اهتمامها بتصميم المراكز الثقافية.
اشتهر المركز بتصميمه الفريد الذي يتميز بالانسيابية والخطوط المنحنية، متجنبا الزوايا الحادة، ممّا يمنحه طابعا موحدا وسلسا رغم ضخامته.
سمي المركز نسبة إلى حيدر علييف (1923-2003)، الذي شغل منصب السكرتير الأول لجمهورية أذربيجان السوفياتية بين عامي 1969 و1982، ثم أصبح رئيسا للجمهورية من أكتوبر 1993 حتى أكتوبر 2003.
في عام 2007، تم اختيار زها حديد لتصميم المركز بعد فوزها في مسابقة عالمية شاركت فيها أبرز الشركات والمكاتب الهندسية، حيث حازت تصميماتها على التقدير والإجماع دون أي اعتراض أو جدل يُذكر.
دار الأوبرا في غوانزو – الصين (2010)
يتميز هذا المبنى بتصميمه الفريد المستوحى من الأشكال الطبيعية، مع استخدام الزجاج والجرانيت بكثافة.
يضم مسرحا يتسع لـ 1,800 مقعد وقاعة متعددة الاستخدامات، ويعتبر من أهم المراكز الثقافية في الصين.
متحف الفن المعاصر (MAXXI) – روما، إيطاليا (2009)
يركز تصميم هذا المتحف على التفاعل بين المساحات الداخلية والخارجية، مع استخدام الخطوط المنحنية والجدران المتداخلة.
ويعتبر المتحف مركزا للفن المعاصر والعمارة في إيطاليا.
جسر الشيخ زايد – أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (2010)
يتميز جسر الشيخ زايد بتصميمه الفريد الذي يحمل بصمة المهندسة المعمارية الشهيرة زها حديد، التي صممت منحنياته بأسلوب يحاكي الكثبان الرملية في الصحراء الإماراتية.
أضفيت على الجسر إضاءة ديناميكية تتغير بشكل تدريجي، ممّا يمنح الانطباع بأن الجسر ينبض بالحياة ويتحرك، ليصبح بذلك أحد أبرز المعالم الهندسية في الإمارات.
يربط الجسر العاصمة أبوظبي بعدة جزر تابعة لها، كما يسهل الوصول إلى مطار أبوظبي الدولي والعديد من المعالم السياحية الشهيرة في الإمارة.
تم افتتاح الجسر في نوفمبر 2010، وفي عام 2012 حاز على جائزة أجمل جسر بفضل تصميمه المبتكر الذي يعكس الجمال الطبيعي لبيئة الإمارات، ويبرز الرؤية الإبداعية للمهندسة العراقية.
أبعاد الجسر: الطول 842 مترا، العرض 61 مترا، الارتفاع 64 مترا
يمثل جسر الشيخ زايد رمزا للتطور العمراني في دولة الإمارات، ويحمل توقيع زها حديد كإحدى أعظم إبداعاتها، ممّا يضيف إلى إرثها المعماري الذي يشتهر بالتصاميم المنحنية والجريئة.
مركز لندن للرياضات المائية – المملكة المتحدة (2011)
تم تصميم هذا المركز لاستضافة الألعاب الأولمبية لعام 2012.
ويتميز بسقفه المتموج الذي يحاكي حركة المياه، ويضم المركز مسابح أولمبية ومرافق رياضية متقدمة.
مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (KAPSARC) – الرياض، السعودية (2016)
يتميز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية بتصميمه المستوحى من الأشكال البلورية، مع التركيز على الاستدامة واستخدام الطاقة بكفاءة.
ويعتبر مركزا بحثيا متخصصا في مجال الطاقة.
تجسد هذه المشاريع رؤية زها حديد المبتكرة وقدرتها على دمج الفن بالهندسة، ممّا جعلها تحدث ثورة في عالم العمارة وتترك إرثا يستمر في إلهام الأجيال القادمة.
الهياكل من تصميم زها حديد
عمل زها حديد الفني
تميزت الهياكل التي صممتها زها حديد باستخدام الأشكال الديناميكية والانسيابية التي تتحدى قوانين الجاذبية وتكسر القوالب التقليدية.
من أبرز أعمالها مركز حيدر علييف في أذربيجان، الذي يعكس الحداثة والتطور من خلال تصميمه المنحني والانسيابي، وجسر الشيخ زايد في أبوظبي، الذي يجسد الحركة من خلال هيكله المتموج.
دار الأوبرا في غوانزو بالصين مثال آخر على بصمتها المميزة، حيث استوحت تصميمه من الأشكال الطبيعية، مستخدمة الزجاج والجرانيت لخلق مساحة تجمع بين الجمال والوظيفة.
أما متحف الفن المعاصر في روما، فيظهر إبداعها في التفاعل بين المساحات الداخلية والخارجية باستخدام الخطوط المنحنية والجدران المتداخلة.
إلى جانب الجمال الفني، ركزت المهندسة العراقية على الاستدامة والابتكار التقني.
كما يظهر في مركز الملك عبد الله للدراسات في الرياض، الذي يجمع بين الأشكال البلورية والتصاميم الصديقة للبيئة.
منزل زها حديد
عاشت زها حديد في شقة بمدينة ميامي بيتش، فلوريدا، الولايات المتحدة.
تتميز هذه الشقة بتصميم داخلي يعكس أسلوبها المعماري الفريد، مع استخدام الأثاث الحديث والخطوط المنحنية التي تميز أعمالها.
بعد وفاتها، عرضت هذه الشقة للإيجار بسعر 37 ألف دولار شهريا.
بالإضافة إلى ذلك، عاشت في لندن في شقة تقليدية نسبيا، ولم يكن مسكنها الشخصي يعكس بالضرورة أسلوبها المعماري المميز.
نجاحات زها حديد
لم تكن مسيرة زها حديد خالية من التحديات، ففي بداية حياتها المهنية، واجهت صعوبات كبيرة بسبب أسلوبها غير التقليدي.
حيث اعتبره البعض غير عملي أو مكلف.
رغم ذلك، تمكنت زها من تجاوز هذه التحديات بفضل رؤيتها الواضحة وتصميمها على النجاح.
حصلت على العديد من الجوائز المرموقة، بما في ذلك جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية في عام 2004، لتكون أول امرأة تحصل على هذه الجائزة.
إلى جانب أعمالها المذهلة في مجال التصميم المعماري، كانت زها حديد ملهمة للعديد من النساء في مجالات الهندسة والعمارة.
فتحت أبوابا جديدة للمرأة في مهن كانت تهيمن عليها الرجال لفترة طويلة، وأثبتت أن الشغف والإبداع يمكنهما التغلب على أي عقبات.
تأثير زها حديد على العمارة العالمية
أثرت المهندسة العراقية بشكل عميق على العمارة العالمية من خلال تقديمها نهجا تصميميا فريدا تحدى المفاهيم التقليدية.
تميزت أعمالها بالخطوط المنحنية والتكوينات الجريئة، ممّا أضفى طابعا ديناميكيا على المباني التي صممتها.
هذا الأسلوب المبتكر ألهم جيلا جديدا من المعماريين لتبني تصاميم أكثر جرأة وابتكارا.
من خلال استخدام تقنيات تصميم متقدمة ومواد حديثة، استطاعت حديد تحقيق رؤى معمارية كانت تعتبر سابقا غير قابلة للتنفيذ.
هذا النهج لم يقتصر على الجوانب الجمالية فحسب، بل شمل أيضا تحسين الوظائف والاستخدامات للمساحات المعمارية.
على سبيل المثال، في تصميمها لمركز روزنتال للفن المعاصر في سينسيناتي، استخدمت حديد تكوينات معمارية مبتكرة لخلق مساحات داخلية مرنة تتكيف مع مختلف أنواع الفنون المعروضة.
علاوة على ذلك، ساهمت حديد في تعزيز دور المرأة في مجال العمارة، حيث كانت أول امرأة تحصل على جائزة بريتزكر المرموقة في عام 2004.
هذا الإنجاز فتح الأبواب أمام المعماريات الأخريات وأثبت أن الإبداع والتميز في هذا المجال لا يقتصران على جنس دون آخر.
تأثيرها لم يقتصر على المشاريع التي نفذتها فحسب، بل امتد إلى التعليم والتدريب المعماري.
من خلال تدريسها في مؤسسات تعليمية مرموقة، نقلت حديد فلسفتها التصميمية إلى جيل جديد من المعماريين، ممّا ساهم في نشر مبادئها ورؤاها على نطاق أوسع.
بالإضافة إلى ذلك، ألهمت تصاميم حديد العديد من المعماريين لتبني نهج أكثر تجريبية وابتكارا في أعمالهم.
هذا التأثير يمكن ملاحظته في العديد من المباني الحديثة التي تتبنى أشكالا غير تقليدية وتكوينات جريئة، ممّا يعكس بصمة حديد الواضحة على العمارة المعاصرة.
وفاة زها حديد
توفيت المهندسة المعمارية العراقية البريطانية زها حديد في 31 مارس/آذار 2016 عن عمر ناهز 65 عاما.
إثر إصابتها بأزمة قلبية أثناء علاجها من التهاب رئوي في مستشفى بميامي، الولايات المتحدة.
اقرا ايضا: العراق.. مهد الحضارات ومنبع التاريخ