تاريخ الدينار العراقي
منذ إصدار الدينار العراقي في عام 1932، شهدت العملة الوطنية تقلبات كبيرة في قيمتها نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية التي مر بها العراق.
في البداية، تم سك الدينار في لندن تحت إشراف الملك فيصل الأول، وكان يعتبر رمزا لاستقلال العراق الاقتصادي.
ومع مرور الزمن، تعرض الدينار لعدة مراحل من الارتفاع والانخفاض في قيمته، تأثرت بشكل مباشر بالصراعات العسكرية والاقتصادية، مثل حرب الخليج الثانية، وتداعيات الغزو العراقي في 2003.
في فترات معينة، شهد الدينار تحسنا ملحوظا، بينما تعرض في أوقات أخرى لتدهور كبير، ما يعكس التحديات المستمرة التي واجهها الاقتصاد العراقي.
تطور قيمة الدينار العراقي عبر الزمن
المرحلة الزمنية | قيمة الدينار مقابل الدولار | أبرز الأحداث المؤثرة |
---|---|---|
1932 | 1 دينار = 1 جنيه إسترليني | تأسيس مجلس العملة وإصدار أول دينار |
1970s | 1 دينار ≈ 3-4 دولارات | استقرار الحكم وارتفاع صادرات النفط |
1980-1988 | 1 دينار ≈ 3.3 دولارات | الحرب العراقية الإيرانية مع دعم مالي عالمي |
1990s | 1 دولار ≈ 3000 دينار | غزو الكويت والحصار الأممي وتدهور العملة |
2003 | 1 دولار ≈ 2361 دينار → 1443 دينار | تغيير النظام وإعادة إصدار العملة الجديدة |
2021 | 1 دولار = 1450 دينار | تعديل سعر الصرف لزيادة إيرادات الدولة |
مجلس عملة العراق وتأسيس الدينار عام 1932
في عام 1931، تم تأسيس مجلس عملة العراق في لندن، وكان الهدف من إنشائه إصدار العملة الورقية والحفاظ على احتياطي العملة الجديدة.
وقد مثّل العراق في المجلس جعفر العسكري، السياسي العراقي البارز آنذاك.
وفي نفس العام، صدر القانون رقم 44 لسنة 1931 الذي نص على إصدار الدينار العراقي ليوازي الجنيه الإسترليني في القيمة، ليتم إصدار أول دفعة من الدينار في عام 1932 في أواخر عهد الملك فيصل الأول.
تضمنت العملة الورقية التي تم إصدارها فئات متعددة، وهي: ربع دينار، نصف دينار، دينار واحد، 5 دنانير، 10 دنانير، و100 دينار.
أما بالنسبة للعملات المعدنية الصغيرة، فقد شملت فئات مثل الفلس والفلسين، بالإضافة إلى 4 فلوس، 10 فلوس، 20 فلسًا، 50 فلسًا، و200 فلس.
واستمر مجلس عملة العراق في إصدار العملات الورقية والمعدنية حتى عام 1947، حين تم تأسيس المصرف الوطني العراقي، الذي تولى مهام إصدار العملات بعد ذلك، ما أحدث نقلة مهمة في إدارة النظام النقدي العراقي.
اقرا ايضا: أزمة الكهرباء في العراق .. الأسباب والتحديات والحلول المقترحة
سنوات الانتعاش والتحديات في تاريخ الدينار العراقي
شهد الدينار العراقي خلال السبعينيات من القرن الماضي فترة من الانتعاش الملحوظ، حيث كانت قيمته تساوي حوالي 4 دولارات.
ويعزو الباحث المصرفي عمار شهاب هذا الارتفاع إلى استقرار الحكم خلال فترة رئاسة أحمد حسن البكر (1968-1979)، بالإضافة إلى تأثير قرار تأميم المصارف وشركات التأمين في 14 يوليو/تموز 1964، الذي ساهم في تعزيز قطاع الصيرفة المحلية.
هذا الاستقرار سمح بانتعاش الاقتصاد العراقي، ممّا انعكس على استقرار قيمة الدينار.
أما خلال فترة الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988)، فقد حافظ الدينار على قوته بشكل نسبي، حيث كان يعادل 3.3 دولارات، وفقًا للخبيرة المصرفية د. سلام سميسم.
يعود هذا الاستقرار إلى قلة مديونية العراق في تلك الفترة، بالإضافة إلى وفرة مالية كبيرة ودعم نقدي عالمي لبغداد.
لكن الأمور تغيرت بشكل جذري بعد غزو العراق للكويت عام 1990 وما تلاه من حرب الخليج والحصار الأممي الذي فرض عليه.
وفقا لسميسم، انهار الدينار العراقي ليصل إلى نحو 3 آلاف دينار مقابل الدولار الواحد نتيجة فرض العقوبات الاقتصادية الدولية التي أدت إلى تدهور قدرة العراق على تصدير النفط، المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية.
خلال التسعينيات، كانت هناك مشاكل إضافية تتعلق بجودة العملة نفسها.
يشير المصرفي عبد الرحمن الشيخلي إلى أن الدينار العراقي في تلك الفترة كان يُطبع في مطابع رديئة، ممّا أدى إلى تدهور قيمته، فضلا عن تسهيل عملية تزييف العملة.
مقارنةً بالطبعات القديمة، خاصة السويسرية، كانت العملات التي طبعت في التسعينيات أكثر عرضة للتزوير، ما أسهم في فقدان ثقة المواطنين في العملة المحلية.
أهم التحولات التاريخية في الدينار العراقي منذ التأسيس وحتى اليوم
السنة/الفترة | الحدث والتحول الرئيسي | الملاحظات |
---|---|---|
1931 | صدور القانون رقم 44 وتأسيس مجلس عملة العراق في لندن | ربط الدينار بالجنيه الإسترليني. |
1932 | إصدار أول دينار عراقي في عهد الملك فيصل الأول | سك العملة الورقية والمعدنية لأول مرة. |
1947 | تأسيس المصرف الوطني العراقي | تولى إصدار العملة بدلا من مجلس العملة. |
1964 | تأميم المصارف وشركات التأمين | دعم الدينار واستقرار قيمته. |
1970s | فترة الانتعاش الاقتصادي | بلغت قيمة الدينار حوالي 4 دولارات بسبب ارتفاع أسعار النفط. |
1980 – 1988 | الحرب العراقية – الإيرانية | الدينار حافظ نسبيا على قيمته (3.3 دولار تقريبا). |
1990 – 2003 | غزو الكويت، العقوبات والحصار | انهيار الدينار ليصل إلى نحو 3000 دينار/دولار، مع طباعة رديئة وارتفاع التزييف. |
2003 | سقوط النظام وتغيير العملة | إصدار عملة جديدة بمزايا أمان عالية؛ الدينار تحسن مبدئيا. |
2004 – 2020 | استقرار نسبي | الاعتماد على نافذة بيع العملة للحفاظ على السعر. |
2021 | تغيير سعر الصرف الرسمي إلى 1450 دينار/دولار | رفع الإيرادات العامة لكن زاد التضخم. |
الحاضر | الدينار يواجه ضغوطات اقتصادية | قيمته مرتبطة بسوق الصرف والتحويلات الخارجية. |
ما بعد 2003 .. تحولات الدينار العراقي بعد تغيير النظام
شهد الدينار العراقي تحسنا مفاجئا بعد تغيير النظام في عام 2003، كما تقول الخبيرة النقدية د. رجاء البندر.
في مايو من نفس العام، سجل الدينار تحسنا ملحوظا حيث وصل إلى 1443 دينارا مقابل الدولار بعد أن كان 2361 دينارا في بداية مارس من العام ذاته.
لكن مع مرور الوقت، بدأ الدينار في التذبذب مجددا خلال النصف الثاني من 2003، حيث تراوحت قيمته بين 1459 و2185 دينارا مقابل الدولار، ويرجع ذلك إلى قوانين العرض والطلب التي تحكم سوق العملة، بالإضافة إلى قرب موعد تغيير العملة المحلية إلى العملة الجديدة في أكتوبر 2003.
عملية استبدال العملة شهدت إدخال عملة جديدة تتمتع بمزايا أمان عالية، ممّا زاد من الطلب على الدينار العراقي الجديد، الذي أصبح يُعتبر ملاذا آمنا للقيمة مقارنة بالدولار.
هذا التغيير ساعد في رفع قيمة الدينار بشكل طفيف في الأشهر الأخيرة من 2003، حيث سجل 1998 دينارا للدولار في نوفمبر، قبل أن ينخفض إلى 1690 دينارا للدولار في نهاية ديسمبر، بعد أن فتح البنك المركزي نافذة لبيع العملة الأجنبية، بهدف الحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار.
اقرا ايضا: أزمة المياه في العراق .. الأسباب والتداعيات والخرائط القادمة للعطش
تغيير سعر الصرف وأثره على الاقتصاد العراقي
في عام 2021، كشف الباحث الاقتصادي بسام رعد أن تغيير سعر الصرف من 1180 دينارا إلى 1450 دينارا مقابل الدولار ساهم في زيادة الإيرادات المالية العامة للعراق بنحو 20 تريليون دينار.
ومع ذلك، لم توجه هذه الأموال لتحسين مستوى معيشة المواطنين، ممّا أدى إلى تراجع القيمة الحقيقية للدخول النقدية وزيادة معدلات الفقر والبطالة، بالإضافة إلى ارتفاع التضخم بنسبة 5.3% في ديسمبر 2021.
وأشار رعد إلى أن سعر الصرف الجديد من المتوقع أن يستمر لفترة طويلة، حيث أن العودة إلى سعر أقل قد يؤدي إلى ضعف السياسة النقدية وارتفاع أسعار السلع والخدمات.
عوامل تقوية الدينار العراقي
أما الخبير المصرفي عبد الحسين المنذري، فيؤكد أن استقرار سعر صرف الدينار يعتمد على عوامل عدة، منها الاستقرار الاقتصادي والتنسيق بين السياسات المالية والنقدية.
كما شدد على ضرورة تجنب العجز الكبير في الموازنة العامة وتمويله بالقروض، حيث أن ذلك قد يؤثر على الاستقرار الاقتصادي.
إضافة إلى ذلك، يرى المنذري أن استمرار تدفق العملات الأجنبية عبر الضرائب والرسوم الجمركية على السلع والشركات الأجنبية يُعد من العوامل المهمة لتقوية العملة العراقية.
اقرا ايضا: النفايات في العراق .. أزمة بيئية تهدد الصحة والاقتصاد
الأسئلة الشائعة عن الدينار العراقي
عام 1932 في عهد الملك فيصل الأول
كانت تعادل حوالي 4 دولارات
الحصار الاقتصادي وضعف العملة المطبوعة محليا.
يعتمد على الاستقرار السياسي، والإصلاحات الاقتصادية، وتنويع مصادر الإيرادات.