النفايات في العراق
تعد أزمة النفايات في العراق من أبرز المشكلات البيئية التي تواجه البلاد، حيث أسهمت هذه الأزمة في تدهور البيئة والصحة العامة في المجتمع.
تتعدد أسباب هذه الأزمة من الحروب والتغيرات المناخية وصولا إلى التراكم الهائل للنفايات التي تؤثر بشكل مباشر على المواطنين وعلى الاقتصاد العراقي بشكل عام.
كذلك ما بين تراكم النفايات الصلبة، وسوء إدارة مواقع الطمر، وغياب مرافق إعادة التدوير، تواجه المدن العراقية كارثة متصاعدة تهدد صحة السكان وتستنزف الموارد الطبيعية.
في السنوات الأخيرة، أصبح العراق يعاني من أزمة هواء ملوث بشكل غير مسبوق، ما يزيد من معاناة المواطنين الذين يعانون من العديد من الأمراض الناتجة عن تلوث الهواء والمياه.
هذه الأزمة باتت واحدة من أبرز القضايا التي يجب أن تجد حلا عاجلا؛ إذ أن تكدس النفايات واستخدام أساليب غير صحية لطمرها يعرض حياة العراقيين للخطر، كما يؤثر سلبا على الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها البلد في تلبية احتياجاته.
إحصائيات عن حجم النفايات في العراق وأثرها اليومي
في عام 2023، كشف فاضل الغراوي، رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، عن أن كل مواطن عراقي يساهم في إنتاج 2 كيلوغرام من النفايات يوميا، ما يجعل الإجمالي اليومي للنفايات في البلاد يصل إلى نحو 23 مليون طن.
هذه الأرقام تكشف بوضوح حجم الأزمة البيئية التي يشهدها العراق، والتي تتسارع بوتيرة مقلقة دون حلول جذرية.
من جهة أخرى، تشير بيانات وزارة التخطيط العراقية إلى أن المعدل اليومي للنفايات التي يفرزها كل فرد يصل إلى 1.5 كيلوغرام، في حين أن بغداد تعاني من أزمة حادة في طمر النفايات، حيث تفرز الأمانة 9 آلاف طن يوميا.
الأخطر من ذلك هو أن 80% من هذه النفايات يتم التخلص منها بشكل عشوائي وغير قانوني، ما يهدد البيئة والصحة العامة في البلاد بمخاطر جسيمة.
العراق ثاني أكثر دول العالم تلوثا في 2023
تتجاوز أزمة النفايات في العراق مشكلة تلوث الهواء لتطال أيضًا المياه والتربة، ممّا يزيد من تعقيد الوضع البيئي في البلاد.
وفقا لدراسة أعدتها شركة “IQ Air” السويسرية المتخصصة في قضايا تنقية الهواء، احتل العراق المركز الثاني عالميا في قائمة الدول الأكثر تلوثا في عام 2023 بعد تشاد، حيث سجل معدل تلوث بلغ 80.1 ميكروغرام لكل متر مكعب، مقارنة بـ 49.7 ميكروغرام في العام السابق.
هذا الارتفاع الكبير في مستوى تلوث الهواء خلال عام واحد يعكس تفاقم الأزمة البيئية في العراق.
وفي تقرير آخر، كان العراق قد سجل زيادة في تلوث الهواء ليحتل المركز العاشر في تصنيف عام 2020-2021، حيث بلغ معدل التلوث 39.6 ميكروغرام.
أما تشاد، فقد تصدرت القائمة بأعلى نسبة تلوث في العالم، حيث وصل التلوث فيها إلى 89.7 ميكروغرام لكل متر مكعب، أي بزيادة تصل إلى 17 مرة عن النسبة الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية.
اقرا أيضا: محمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق .. السيرة والانجازات
أبرز إحصائيات أزمة النفايات في العراق
المؤشر | القيمة | المصدر |
---|
معدل إنتاج الفرد اليومي للنفايات | 1.5 – 2 كغ | وزارة التخطيط – فاضل الغراوي |
النفايات المنتجة في العراق | أكثر من 23 مليون طن سنويا | تقديرات 2023 |
عدد مواقع الطمر في العراق | 221 موقعا | تقارير بيئية محلية |
نسبة المواقع المخالفة للمعايير | 149 موقعًا (68%) | وزارة البيئة |
نسبة النفايات غير المُعالجة | 80% | المركز الاستراتيجي |
طمر النفايات في العراق .. مواقع عشوائية وخرق للمعايير البيئية
تعد مواقع طمر النفايات في العراق إحدى أبرز المشكلات البيئية التي تهدد الصحة العامة.
ففي عام 2023، أظهرت التقارير أن العراق يفتقر إلى مواقع طمر تتماشى مع المعايير البيئية الدولية، حيث بلغ عدد مواقع الطمر في البلاد حوالي 221 موقعا، 149 منها تشكل خرقا للشروط البيئية.
والأسوأ من ذلك أن العديد من هذه المواقع تعتمد على أساليب غير قانونية وغير فعالة لطمر النفايات، ممّا يؤدي إلى تسرب مواد سامة على سبيل المثال الميثان وثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، ممّا يعزز من تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وتلوث الهواء.
إضافة إلى ذلك، تكشف العديد من الدراسات عن التأثيرات الصحية السلبية لهذه المواقع على السكان المحيطين بها.
وأظهرت الدراسات الطبية زيادة ملحوظة في نسبة الإصابة بالأمراض السرطانية على سبيل المثال سرطان الجلد، الدم، والثدي في المناطق القريبة من مواقع الطمر.
وهذا التلوث الناتج عن الطمر العشوائي يعد أحد العوامل الرئيسية التي تضر بصحة الأفراد في تلك المناطق.
مشكلات البنية التحتية لإدارة النفايات في العراق
يواجه العراق تحديات كبيرة في إدارة النفايات، إذ لا تزال البنية التحتية لهذا القطاع غير كافية لتلبية احتياجات البلاد.
تفتقر معظم المدن إلى محطات معالجة متطورة أو مصانع لإعادة تدوير النفايات، ما يجعلها تعتمد على الطرق التقليدية لطمر النفايات في مواقع عشوائية.
هذه الأساليب تزيد من تراكم النفايات في المناطق الحضرية وتفاقم تلوث البيئة بشكل عام.
على الرغم من وجود بعض المبادرات التي تسعى إلى معالجة الأزمة، على سبيل المثال مشاريع إعادة تدوير النفايات في بعض المحافظات، إلا أن هذه الجهود تبقى محدودة جدا.
في محافظة نينوى، على سبيل المثال، بدأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتنفيذ مشروع لمعالجة النفايات، يتضمن بناء محطات لمعالجة النفايات وتدريب الكوادر المحلية، لكن هذه المشاريع لا تزال في مراحلها الأولى ولا تغطي سوى جزء ضئيل من المشكلة.
وفي محافظة ذي قار، تم تنفيذ مشروع يهدف إلى فصل النفايات الرطبة عن الجافة، وتشمل النفايات العضوية على سبيل المثال بقايا الطعام والخضروات والفواكه.
ورغم هذه المبادرات، إلا أنها تواجه العديد من التحديات، أبرزها غياب الرقابة الفعالة، ما يجعلها تواجه صعوبة في تحقيق نتائج ملموسة تساهم في حل الأزمة.
اقرا أيضا: خارطة طريق التنمية في العراق .. وثلاثية تحديات النفط والفقر والفساد
إعادة التدوير في العراق .. فرصة مهدورة لحل أزمة النفايات
تعد إعادة تدوير النفايات أحد الحلول الفعالة التي يمكن أن تساهم في معالجة جزء كبير من أزمة النفايات في العراق.
بينما يزداد العالم اهتماما بإعادة تدوير المواد المختلفة مثل المعادن والبلاستيك والزجاج، لا يزال العراق بعيدًا عن هذه الممارسات المتقدمة.
وفقا لتقرير صادر في عام 2023، ينتج العراق حوالي 20 مليون طن من النفايات يوميا، وهي كمية ضخمة يمكن أن تتحول إلى ثروة إذا تمت إعادة تدويرها بشكل صحيح.
على سبيل المثال، يمكن إعادة تدوير المواد مثل الحديد والألمنيوم والفولاذ والبلاستيك والزجاج، ممّا يساهم في تقليل الضغط على الموارد الطبيعية.
إضافة إلى ذلك، تمثل إعادة تدوير النفايات الإلكترونية فرصة هائلة، خصوصًا مع تزايد المخلفات الإلكترونية في العراق.
رغم ذلك، لا يزال العراق بعيدا عن تطوير بنية تحتية متكاملة لإعادة تدوير النفايات، وهو ما يعكس نقصا في التخطيط والسياسات البيئية الفعّالة التي من شأنها تحويل النفايات إلى مصدر من مصادر القيمة الاقتصادية والبيئية.
تأثير النفايات في العراق على الصحة العامة والاقتصاد
الأثر الصحي للأزمة البيئية في العراق لا يمكن إغفاله، حيث أن تلوث الهواء والمياه نتيجة للنفايات يتسبب في انتشار العديد من الأمراض التنفسية مثل الربو والحساسية، فضلا عن الأمراض الجلدية.
كما أن انتشار النفايات في الأماكن العامة يخلق بيئة خصبة لتكاثر الحشرات والقوارض، ممّا يؤدي إلى زيادة خطر انتشار الأوبئة مثل الملاريا والتيفوئيد.
من الناحية الاقتصادية، فإن الأزمة البيئية تتسبب في خسائر ضخمة.
النفايات غير المعالجة تؤدي إلى تدهور القطاع الزراعي، حيث تلوث الأراضي الزراعية بالمخلفات السامة، ممّا يؤثر على الإنتاج الزراعي.
كما أن العلاج الطبي للأمراض الناتجة عن التلوث يضع عبئا إضافيا على النظام الصحي، الذي يعاني أصلا من نقص في الموارد والتمويل.
اقرا أيضا: عام 2024 يمر والعراق يغرق في مستنقع الفساد
مقارنة بين إدارة النفايات في الدول المتقدمة والدول النامية
العنصر | الدول المتقدمة (مثل ألمانيا، سويسرا) | الدول النامية (مثل العراق، نيجيريا) |
---|---|---|
البنية التحتية لإدارة النفايات | متطورة – تتضمن مراكز فرز، مصانع إعادة تدوير، ومحارق آمنة | ضعيفة – تفتقر للبنية التحتية الحديثة وتعتمد على الطمر العشوائي |
إعادة التدوير | مرتفعة (تصل إلى أكثر من 50%) | منخفضة (أقل من 10%) |
التشريعات البيئية | صارمة ومفعلة | ضعيفة أو غير مطبقة بشكل فعال |
التوعية المجتمعية | برامج تعليمية وتثقيف مستمر في المدارس والإعلام | محدودة جدًا أو غير موجودة |
التمويل والدعم الحكومي | مستقر وموجه للمشاريع البيئية | غير منتظم ويعاني من الفساد أو ضعف التخطيط |
مكبات النفايات | مغلقة ومراقبة بيئيًا | مفتوحة وعشوائية وتفتقر للمعايير الصحية |
المخلفات الإلكترونية | نظام خاص للتجميع والمعالجة الآمنة | تُرمى مع النفايات العادية دون معالجة |
الأثر البيئي والصحي | منخفض بسبب السيطرة والرقابة | مرتفع جدًا ويؤدي لأمراض ومشاكل بيئية حادة |
الأسئلة الشائعة عن النفايات في العراق
لا توجد حتى الآن محطات معالجة نفايات كافية تلبي احتياجات المدن العراقية. معظم النفايات تُطمر بطرق غير صحية في مواقع عشوائية تفتقر إلى أدنى المعايير البيئية.
بحسب تقارير 2023، ينتج العراق أكثر من 23 مليون طن من النفايات سنويًا، بمتوسط يومي يقارب 2 كغ للفرد.
رغم وجود بعض المبادرات المحدودة في محافظات مثل نينوى وذي قار، إلا أن العراق يفتقر إلى بنية تحتية متكاملة لإعادة التدوير.
تسبب النفايات المنتشرة في الهواء والمياه أمراضًا مثل الربو، الحساسية، وأمراض جلدية. كما تسهم في انتشار الحشرات والأوبئة.
في العراق، تُنقل معظم النفايات إلى مواقع طمر عشوائية غير مهيّأة بيئيًا. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 80% من النفايات يتم التخلص منها بطرق غير قانونية أو غير صحية، ما يفاقم من أزمة التلوث الهوائي والمائي ويزيد من المخاطر الصحية على السكان.
تُستخدم في الغالب طرق تقليدية للتخلص من النفايات، أبرزها الطمر العشوائي في مكبات مفتوحة لا تراعي المعايير البيئية. كما تفتقر معظم المحافظات إلى محطات فرز أو مصانع لإعادة التدوير، ما يحد من الاستفادة من النفايات ويزيد من التلوث.
تُعتبر سويسرا من الدول الرائدة عالميًا في إدارة النفايات، حيث تعتمد على أنظمة متقدمة لإعادة التدوير والحرق الآمن وتقليل النفايات المنزلية. كما تُطبق قوانين صارمة لضمان الفصل بين أنواع النفايات وتشجيع المواطنين على تقليل النفايات من المصدر.