العشوائيات في العراق .. أرقام صادمة وتحديات مستمرة

عشوائيات العراق

عشوائيات العراق

تعاني المدن العراقية من أزمة العشوائيات المتفاقمة التي تهدد الواقع الحضري والاجتماعي والاقتصادي في البلاد.

,في قلب المدن العراقية، وعلى أطرافها المنسية، تنمو العشوائيات كجروح مفتوحة في جسد البلاد، شاهدة على عقود من الحروب، والتهجير، والإهمال التخطيطي.

لم تعد هذه المناطق مجرد تجمعات سكنية عشوائية، بل تحوّلت إلى معازل للفقر، والبطالة، وغياب أبسط مقومات الحياة الكريمة.

وبينما تتسارع وتيرة التمدن في العالم، يبقى ملايين العراقيين محاصرين خلف جدران الصفيح والطين، في بيئة تفتقر إلى الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والصرف الصحي.

9 ملايين عراقي يعيشون في العشوائيات

كشفت وزارة التخطيط العراقية، في تقريرها الصادر في فبراير 2025، أن عدد سكان البلاد بلغ 46 مليونا و118 ألف نسمة.

وفي مؤشر خطير على اتساع أزمة السكن، أشارت الوزارة إلى أن نحو 9 ملايين و223 ألف شخص يعيشون في المناطق العشوائية المنتشرة في مختلف المحافظات.

هذه المناطق، التي نمت بشكل غير منظم وخارج الأطر التخطيطية الرسمية، لا تمثل مجرد تحدٍ سكاني فحسب، بل باتت تشكل عبئا حقيقيا على الدولة من نواح عدة.

إذ تظهر التقارير الحكومية أن العشوائيات تسهم في التعدي على الأراضي الحكومية وتلتهم المساحات الخضراء، محدثة تغييرات بيئية وجغرافية مقلقة.

ولم تقف التأثيرات عند هذا الحد، بل طالت البنية التحتية بشكل مباشر، مع تصاعد الضغط على شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، إلى جانب تعقيد إيصال الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والنقل.

ويحذر مختصون من أن استمرار التوسع العشوائي من دون حلول جذرية، يهدد بتحويل هذه المناطق إلى بؤر للفقر والإقصاء الاجتماعي، ويقوّض جهود التنمية المستدامة التي تسعى الدولة لتحقيقها.

كم عدد العشوائيات في العراق؟

العشوائيات في عموم العراق

أسباب تفشي العشوائيات في العراق .. نزوح، فقر وتخبط تخطيطي

يرى المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أن تصاعد النمو السكاني خلال العقود الأخيرة شكل أحد أبرز العوامل التي دفعت باتجاه توسع الظاهرة العشوائية، لا سيما في ظل العجز الواضح في توفير مساكن ملائمة تستوعب هذه الزيادة.

وأوضح أن ما بعد عام 2003، ومع التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني، لجأ مئات الآلاف من المواطنين إلى الإقامة في مساكن غير نظامية، بعد أن غابت عنهم الحلول السكنية المستقرة.

وفي سياق متصل، تُرجع المهندسة تمارة الشمري، إلى جانب الباحث الأنثروبولوجي الدكتور يحيى حسين زامل، الظاهرة إلى موجات النزوح من الأرياف نحو المدن الكبرى، مدفوعة بالحروب والنزاعات الداخلية التي عصفت بالبلاد.

ويؤكد الخبراء أن الفقر، وارتفاع معدلات البطالة، وانعدام العدالة في توزيع الخدمات وفرص العمل، شكلت بيئة خصبة لانتشار العشوائيات، خصوصا في الأطراف الحضرية التي تفتقر إلى التخطيط العمراني المنظم.

عدد المجمعات والمساكن العشوائية في العاصمة بغداد

المنطقة في بغدادعدد المساكن العشوائية
الرصافة71,339 مسكن
الأعظمية12,877 مسكن
مدينة الصدر (1 و 2)13,506 مسكن
الكاظمية6,935 مسكن
الكرخ6,592 مسكن
المدائن2,885 مسكن
المحمودية745 مسكن
أبو غريب390 مسكن
الطارمية470 مسكن
المجموع في بغداد1,093 مجمعا / 115,739 مسكنًا

عشوائيات في المحافظات الأخرى

المحافظةعدد المجمعات / المساكن العشوائية
البصرةأكثر من 700 مجمع
المثنى121 مجمعًا
النجف98 مجمعًا
كركوكأكثر من 59,690 مسكنًا (في مركز المدينة فقط)

اقرا أيضا: أزمة المياه في العراق .. الأسباب والتداعيات والخرائط القادمة للعطش

كيف تؤثر العشوائيات في العراق على البيئة والمجتمع؟

لا تقف تداعيات العشوائيات عند حدود المخالفات العمرانية، بل تمتد آثارها لتلامس حياة الملايين من السكان بشكل يومي، وسط بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم.

فغياب البنى التحتية المناسبة، من شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، جعل من هذه المناطق بؤرا للمعاناة الدائمة، كما تظهر شهادات ميدانية وتقارير رسمية.

النائبة مهدية اللامي، عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية، أكدت أن 28% من الأراضي المتجاوز عليها هي مساحات خضراء، ما يعد مؤشرا خطيرا على حجم التدهور البيئي المرتبط بانتشار العشوائيات.

وتوضح اللامي أن هذا التعدي لا يهدد فقط الغطاء النباتي، بل يؤثر أيضا في توازن البيئة الحضرية ويزيد من معدلات التلوث.

أما على الصعيد الاجتماعي، فإن تأثيرات العشوائيات لا تقل خطورة، إذ تسهم بحسب ما يؤكده الدكتور فارس موفق، في ارتفاع معدلات الجريمة والانحراف السلوكي، خصوصا بين فئة الشباب المحرومة من فرص التعليم والعمل.

كما ترتبط هذه المناطق بانتشار الأمراض النفسية نتيجة للضغوط المعيشية الحادة، والعزلة الاجتماعية، والافتقار إلى الأمان المجتمعي.

وتشير التقديرات إلى أن استمرار هذا الواقع دون تدخل عاجل واستراتيجي، سيقود إلى مزيد من التهميش والتفكك الاجتماعي، ما يشكل تهديدا حقيقيا للنسيج الحضري والإنساني في البلاد.

جدول تطور السكان الساكنين في العشوائيات

السنةالنسبة التقريبية (% من سكان الحضر)الملاحظات
2000~17 %تقديرات مبكرة قبل 2003
2005~53 %ارتفاع حاد بعد الاضطرابات الأمنية
2013~7.7 %تقدير أقل يشير إلى اختلاف التعريف والعمل الميداني
2015~33 %تقارب متوسط بين البيانات المختلفة
2022~49 %حسب بيانات البنك الدولي لعام 2022
2025~51 % (تقريبا)ارتفاع طفيف متوقع بناءً على توسيع العشوائيات والإسكان غير الرسمي
العشوائيات في العراق

اقرا أيضا: النفايات في العراق .. أزمة بيئية تهدد الصحة والاقتصاد

ما هي جهود الحكومة العراقية لمعالجة العشوائيات؟

ضمن محاولاتها لاحتواء أزمة العشوائيات المتفاقمة، أعلنت الحكومة العراقية إدراج هذا الملف ضمن خطة التنمية الخمسية 2024–2028، إلى جانب إطلاق استراتيجية مكافحة الفقر للفترة 2025–2029.

وأوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أن هناك توجها نحو معالجة شاملة تتضمن إعداد مسودة قانون خاص بالسكن العشوائي، فضلا عن تعاون مرتقب مع جهات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) لتوفير دعم فني واستشاري.

وفي خطوة اعتبرت ذات طابع تنظيمي، أصدر مجلس الوزراء في يناير 2025 قرارا يقضي ببيع الأراضي العائدة للبلديات إلى المتجاوزين الذين شيدوا منشآت ثابتة عليها، بشرط أن تقع ضمن حدود التصميم الأساسي للمدينة، وأن يتقدم المستفيد بطلب الشراء خلال مهلة لا تتجاوز 180 يوما من تاريخ صدور القرار.

انتقادات واسعة وتحديات مستمرة ضد العشوائيات في العراق

ورغم هذه المبادرات، لا تزال السياسة الحكومية في هذا الملف تواجه جملة من التحديات والانتقادات.

إذ يرى الخبير الاقتصادي كريم الحلو أن المعالجة الحقيقية للعشوائيات تبدأ بتوفير مساكن منخفضة الكلفة تلائم قدرات الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وليس فقط من خلال تقنين الوضع القانوني القائم.

وأشار إلى أن مشاريع بناء المدن الجديدة التي أُعلن عنها في السنوات الأخيرة، غالبا ما تبقى بعيدة عن متناول الغالبية بسبب ارتفاع أسعار الوحدات السكنية وضعف برامج الدعم.

من جانبها، دعت لجنة الخدمات والإعمار النيابية إلى ضرورة سن قوانين واقعية تعكس التوزيع السكاني الحالي، مع تقسيم الأراضي المتجاوز عليها بصورة تراعي احتياجات المواطنين.

بينما يشدد عدد من الخبراء على أهمية تصنيف ساكني العشوائيات بحسب الدخل والوضع القانوني، إلى جانب إجراء مسح شامل لتحديد طبيعة هذه الأراضي، كخطوة أولى نحو بناء حلول متكاملة تتجاوز المعالجات الظرفية.

اقرا أيضا: القادة الإيرانيون المستهدفون في العدوان الإسرائيلي على إيران

مشاركة عبر:
Facebook
LinkedIn
X
WhatsApp
Telegram

اخبار مختارة

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي