بغداد
عاصمة العراق
تعد بغداد، عاصمة جمهورية العراق، من أبرز المدن التاريخية والثقافية في العالم العربي والإسلامي.
تأسست في القرن الثامن الميلادي على يد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، لتكون مركزا حضاريا وسياسيا وثقافيا.
تقع المدينة على ضفتي نهر دجلة، ممّا أكسبها موقعا جغرافيا مميزا ساهم في تطورها وازدهارها عبر العصور.
الموقع الجغرافي لبغداد
تقع بغداد، عاصمة العراق، في وسط البلاد على ضفتي نهر دجلة، الذي يقسمها إلى جانبي الكرخ (الغربي) والرصافة (الشرقي).
تتميز المدينة بموقعها الجغرافي الذي يوفر وفرة في المياه ويقلل من مخاطر الفيضانات، ممّا ساهم في توسعها وزيادة نفوذها.
تتصل ضفتي النهر عبر عدة جسور، ممّا يسهل التنقل بين جانبي المدينة.
تعتبر بغداد المركز الاقتصادي والإداري للعراق، وتشتهر بأهميتها الثقافية والتعليمية، حيث تضم العديد من المؤسسات التعليمية والتاريخية.
عدد سكان بغداد
وفقا لتقديرات وزارة التخطيط العراقية لعام 2022، بلغ عدد سكان محافظة بغداد أكثر من 9 ملايين نسمة، ما يمثل حوالي 21.1% من إجمالي سكان العراق.
وتعد بغداد أكبر محافظات العراق من حيث عدد السكان، حيث شهدت نموا سكانيا ملحوظا على مر العقود.
مع استمرار هذا النمو، من المتوقع أن يصل عدد سكان بغداد إلى حوالي 9.5 مليون نسمة بحلول عام 2025، مع الأخذ في الاعتبار معدل النمو السكاني السنوي في العراق.
اقرا أيضا: الامام موسى الكاظم
تاريخ بغداد
تعد بغداد، من أبرز المدن التاريخية في العالم الإسلامي، حيث تمتد جذورها إلى العصور القديمة.
تأسست المدينة عام 762م على يد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، الذي اختار موقعها الاستراتيجي على ضفاف نهر دجلة لبناء “مدينة السلام”، التي أصبحت لاحقا مركزا حضاريا وثقافيا وعلميا بارزا.
اختير موقع بغداد بعناية فائقة، حيث كان مأهولا بالسكان منذ فترات طويلة قبل الفتح الإسلامي لبلاد ما بين النهرين عام 637م.
تشير الأدلة الأثرية إلى أن المنطقة شهدت تعاقب حضارات متعددة، ممّا أضفى عليها طابعا تاريخيا مميزا.
اسم بغداد
اسم “بغداد” ذاته يعتقد أنه ذو أصول فارسية قديمة، مركب من كلمتي “باغ” بمعنى “إله” و”داد” بمعنى “عطاء”، ليصبح المعنى “عطية الإله”.
صممت بغداد بشكل دائري فريد، ما أكسبها لقب “المدينة المدورة”.
في مركزها، بني قصر الخليفة المعروف بـ”قصر الذهب”، محاطا بالمساجد والأسواق والحدائق.
بيت الحكمة
أصبحت المدينة بسرعة مركزا للعلم والمعرفة، حيث احتضنت “بيت الحكمة”، الذي جمع العلماء من مختلف أنحاء العالم لترجمة وتطوير العلوم والفلسفة والأدب.
العصر العباسي
بلغت بغداد ذروتها خلال العصر العباسي، حيث يقدر عدد سكانها بما يزيد عن مليون نسمة، ممّا جعلها من أكبر مدن العالم آنذاك.
كانت المدينة مركزا للتجارة والثقافة، وازدهرت فيها الفنون والآداب والعلوم.
لكن مع مرور الزمن، تعرضت بغداد لعدة غزوات وصراعات أثرت على مكانتها.
في عام 1258م، اجتاح المغول بقيادة هولاكو خان المدينة، ممّا أدى إلى تدمير كبير ومقتل العديد من سكانها، وانتهاء الخلافة العباسية.
بعد ذلك، خضعت بغداد لحكم عدة دول وإمبراطوريات، منها الصفويون والعثمانيون.
في عام 1534م، أصبحت جزءا من الدولة العثمانية، واستمرت تحت الحكم العثماني حتى أوائل القرن العشرين.
خلال هذه الفترات، شهدت المدينة فترات من الازدهار والتراجع، تبعا للظروف السياسية والاقتصادية.
الجمهورية العراقية
في القرن العشرين، وبعد انتهاء الحكم العثماني، أصبحت بغداد عاصمة المملكة العراقية عام 1921م، ثم الجمهورية العراقية لاحقا.
شهدت المدينة تطورات عمرانية وثقافية، وأصبحت مركزا سياسيا واقتصاديا مهما في المنطقة.
ومع ذلك، عانت بغداد من تحديات كبيرة، خاصة خلال الحروب والصراعات التي أثرت على بنيتها التحتية ونسيجها الاجتماعي.
اليوم، تواصل بغداد مسيرتها في مواجهة التحديات، ساعية لاستعادة مكانتها التاريخية والثقافية، والحفاظ على إرثها الغني الذي يمتد لقرون عديدة.
معالم بغداد
تعد بغداد، من أبرز المدن التي تحتضن معالم تاريخية وثقافية تعكس تاريخها العريق وتنوعها الحضاري.
المتحف الوطني العراقي
يعد المتحف الوطني العراقي، الواقع في بغداد، من أبرز المتاحف العالمية، حيث يضم مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تعكس تاريخ وحضارة بلاد الرافدين.
تأسس المتحف عام 1926 في منطقة القشلة، ثم نقل إلى موقعه الحالي في منطقة العلاوي عام 1966 بعد توسعته.
يحتوي المتحف على أكثر من 12,000 قطعة أثرية، تشمل آثارا من الحضارات السومرية، البابلية، الآشورية، والكلدانية، بالإضافة إلى ذلك فترات تاريخية متعددة تبدأ من العصور السومرية وحتى العصور الإسلامية.
من أبرز معروضاته: لوحة حامورابي، التي تعد واحدة من أقدم مدونات القوانين في التاريخ، وتمثال أبو الهول الآشوري الذي يمثل أسطورة الأسد المجنح في الحضارة الآشورية.
في عام 2003، تعرض المتحف للنهب والتدمير خلال غزو العراق، حيث سُرقت آلاف القطع الأثرية الثمينة· ومع ذلك، وبفضل الجهود المحلية والدولية، تمت إعادة معظم القطع المفقودة إلى المتحف.
أُعيد افتتاح المتحف الوطني العراقي في عام 2015 بعد أعمال ترميم وصيانة كبيرة، ليواصل دوره كمركز ثقافي وتعليمي يعكس التاريخ العريق للعراق.
نصب الشهيد
نصب الشهيد هو نصب تذكاري يقع في جانب الرصافة من بغداد، صممه النحات العراقي إسماعيل فتاح الترك عام 1983.
يخلد النصب ذكرى الجنود العراقيين الذين قتلوا خلال الحرب العراقية الإيرانية، ويعتبر اليوم رمزا لتكريم جميع شهداء العراق.
يتألف التصميم من قبة زرقاء تنفتح بشكل غير متماثل، ممّا يرمز إلى انفتاح الحياة واستمراريتها، ويعتمد على فكرة الخداع البصري، حيث يظهر النصب بشكل مختلف من زوايا متعددة.
يعد النصب من أبرز المعالم المعمارية في بغداد، ويعكس الجوانب الجمالية والثقافية للمدينة.
شارع المتنبي
شارع المتنبي هو أحد أشهر الشوارع الثقافية في بغداد، ويعتبر مركزا لبيع وشراء الكتب والمخطوطات.
يعود تاريخ الشارع إلى العصر العباسي، حيث كان مركزا للنشاط الثقافي والأدبي.
تعرض الشارع عام 2007 لتفجير أدى إلى تدمير العديد من المحال التاريخية، بما في ذلك مقهى الشهبندر الشهير.
في ديسمبر 2021، أُعيد افتتاح الشارع بعد ترميمه وتأهيله، ليعود مركزا للنشاط الثقافي والفني، حيث يحتضن فعاليات ومعارض فنية وأدبية، ويعد مقصدا للمثقفين والفنانين والطلاب.
القشلة
القشلة هي مبنى تاريخي يقع في بغداد، بني في العهد العثماني ليكون مقرا للحكومة والثكنات العسكرية.
يتميز المبنى بتصميمه المعماري الفريد وبرجه الشاهق الذي يضم ساعة كبيرة.
يعد المبنى اليوم معلما تاريخيا وسياحيا، ويستخدم لإقامة الفعاليات الثقافية والفنية، ممّا يجعله جزءا مهما من التراث البغدادي.
العتبة الكاظمية
العتبة الكاظمية هي أحد أبرز المعالم الدينية والتاريخية في العراق، وتقع في مدينة الكاظمية شمال العاصمة بغداد.
تحتضن العتبة ضريحي الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد، عليهما السلام، وهما من أئمة أهل البيت الذين يحظون بمكانة رفيعة لدى المسلمين.
تتميز العتبة الكاظمية بعمارتها الإسلامية البديعة التي تجسد الطراز العباسي والفن الإسلامي، حيث تتزين قبابها بالذهب وتحيط بها مآذن شاهقة وأبواب منقوشة بدقة.
إلى جانب قيمتها الدينية، تعد العتبة مركزا ثقافيا وروحيا، حيث تقام فيها المحافل الدينية والمناسبات الإسلامية، ويزورها ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم.
جامع الإمام الأعظم
يقع جامع الإمام الأعظم في منطقة الأعظمية ببغداد، وينسب إلى الإمام أبو حنيفة النعمان، أحد أبرز فقهاء الإسلام ومؤسس المذهب الحنفي.
توفي الإمام عام 150 هـ ودفن في هذا الموقع، حيث بني المسجد عام 375 هـ بجوار قبره.
في عام 459 هـ، أُضيفت قبة ومشهد على القبر، بالإضافة إلى ذلك مدرسة كبيرة لتدريس العلوم الدينية والشرعية.
يعد الجامع مركزا علميا وثقافيا مهما، حيث استمر في أداء دوره التعليمي عبر العصور، ويضم اليوم كلية الإمام الأعظم التي تعنى بتدريس العلوم الإسلامية.
نصب الحرية
يعتبر نصب الحرية من أبرز المعالم الفنية في بغداد، ويقع في ساحة التحرير بمنطقة الباب الشرقي.
صممه ونفذه النحات العراقي الشهير جواد سليم، ويجسد النصب تاريخ العراق الحديث من خلال مجموعة من الرموز التي تروي أحداثا مهمة في مسيرة الشعب العراقي نحو الحرية والاستقلال.
يعد النصب سجلا مصورا صاغه الفنان بأسلوب فني مميز، ممّا جعله رمزا للحركة الوطنية والتطلعات الشعبية.
المدرسة المستنصرية
تأسست المدرسة المستنصرية في بغداد عام 1233 م على يد الخليفة العباسي المستنصر بالله.
كانت تعد مركزا علميا وثقافيا مهما، حيث شملت دراستها مختلف العلوم الدينية والدنيوية، بما في ذلك الفقه والحديث والطب والرياضيات.
تتميز المدرسة بتصميمها المعماري الفريد الذي يعكس روعة الفن الإسلامي في ذلك العصر، وتضم فناء واسعا تحيط به قاعات الدراسة والغرف المخصصة للطلاب والأساتذة.
لا تزال المدرسة قائمة حتى اليوم، وتعد شاهدا على ازدهار الحركة العلمية في بغداد خلال العصور الوسطى.
اقرا أيضا: زها حديد.. رائدة العمارة الحديثة والتصميم المبتكر
تمثال شهريار وشهرزاد
يقع تمثال شهريار وشهرزاد على ضفاف نهر دجلة في شارع أبو نواس الشهير ببغداد.
صممه النحات العراقي الراحل محمد غني حكمت، ويُجسِّد التمثال شخصيتي شهريار وشهرزاد من حكايات “ألف ليلة وليلة” الشهيرة.
بالإضافة إلى ذلك يعد التمثال رمزا للتراث الأدبي والثقافي العربي، ويعكس براعة الفنان في تجسيد الشخصيات الأدبية بأسلوب فني راق.
أصبح التمثال معلما سياحيا يجذب الزوار والسياح للتعرف على جزء من التراث العراقي الغني.
برج بغداد
برج بغداد، المعروف أيضا ببرج المأمون، هو برج اتصالات يقع في منطقة المأمون ببغداد.
يبلغ ارتفاعه حوالي 205 أمتار، ويستخدم لأغراض البث الإذاعي والتلفزيوني.
بالإضافة إلى ذلك يضم البرج مطعما دوارا يوفر إطلالة بانورامية على المدينة، ويُعد من المعالم الحديثة في بغداد.
سوق السراي
سوق السراي هو سوق تاريخي يقع بالقرب من شارع المتنبي في بغداد، يعود تاريخه إلى العصر العباسي.
كان السوق مركزا لبيع الورق والأدوات الكتابية، ويضم العديد من المحلات التي تبيع الكتب والمخطوطات والقرطاسية.
بالإضافة إلى ذلك يعتبر السوق مقصدا للمثقفين والطلاب والباحثين عن الكتب النادرة والأدوات الكتاب.
المجتمع البغدادي
يعد المجتمع البغدادي نموذجا غنيا للتنوع الثقافي والاجتماعي، حيث شهدت بغداد عبر تاريخها الطويل توافد أقوام وشعوب متعددة، ممّا أثرى نسيجها الاجتماعي.
ففي فترات معينة، كان عدد سكان المدينة يتراوح بين عشرة آلاف إلى مئة وخمسين ألف نسمة، مع توزيع سكاني قائم على أسس قبلية ومناطقية.
هذا التوزيع كان يتجدد مع مرور الزمن نتيجة للكوارث الطبيعية والأوبئة والحروب، ممّا أدى إلى تبدل مستمر في تركيبة السكان.
تأثرت طبيعة الحياة في بغداد بعوامل بيئية واجتماعية، حيث انعكس ذلك على سلوكيات سكانها.
فقد احتفظ البغداديون بثروة عظيمة من الأدبيات والتقاليد والأمثال التي تعكس ملامح مجتمعهم.
من أبرز هذه الأمثال: “الحلك زغير لكن يخرب بيوت كبار”، الذي يُشير إلى أهمية ضبط اللسان وتجنب الكلام الجارح، و”دودة بين صخرتين الله مينساها”، الذي يعكس إيمانهم العميق برعاية الله وتدبيره.
فيما يتعلق بالعمارة، تميزت البيوت البغدادية القديمة بتصاميم فريدة، حيث كان الخشب عنصرا أساسيا في البناء.
تتألف المنازل من طابقين، يضم الأول فناء داخليا وغرفة استقبال الضيوف، بينما يحتوي الثاني على غرف النوم والشرفات المزينة بالزجاج الملون والشناشيل المطلة على الخارج.
كما كانت بعض المنازل تضم سراديب تُستخدم خلال فصل الصيف للهرب من الحرارة الشديدة.
اجتماعيا، كانت العلاقات الأسرية في بغداد تتسم بالقوة والتماسك، حيث يعيش أفراد الأسرة الكبيرة معا في جو من المحبة والتفاهم.
امتدت هذه الروابط لتشمل الجيران، ممّا خلق مجتمعا متحابا ومترابطا.
كما مارس البغداديون العديد من الألعاب الجماعية بهدف التسلية، على سبيل المثال التوكي، المصرع، جر الحبل، وكرة القدم.
المطبخ البغدادي
يعد المطبخ البغدادي جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي لمدينة بغداد، حيث يعكس تنوعه وثراءه تاريخ المدينة وتأثرها بالحضارات المختلفة التي مرت عليها.
تتميز الأطباق البغدادية باستخدام مكونات طازجة وتوابل متنوعة، ممّا يمنحها نكهات فريدة ومميزة.
أشهر الأطباق البغدادية:
التشريب
يعتبر من الأطباق التقليدية في المطبخ البغدادي، ويتكون من خبز مقطع يغمر بمرق اللحم أو الدجاج المطبوخ مع البصل والطماطم والتوابل.
يقدم التشريب مع البصل الأخضر والليمون لإضافة نكهة مميزة.
دولمه
تتألف من خضروات على سبيل المثال ورق العنب، الباذنجان، الفلفل، والبصل، محشوة بخليط من الأرز واللحم المفروم والتوابل.
تُطهى الدولمة ببطء مع إضافة عصير الليمون أو دبس الرمان لإضفاء طعم حامض لذيذ.
الكبة
تحضر من عجينة البرغل المحشوة باللحم المفروم والبصل والتوابل، وتقلى حتى تصبح ذهبية اللون.
تقدم الكبة كطبق جانبي أو رئيسي، وتعتبر من الأطباق المحببة في المناسبات.
باجة
تتكون من أجزاء مختلفة من الخروف، على سبيل المثال الرأس والأرجل والأحشاء، تنظف وتطهى مع التوابل والبهارات.
يقدم هذا الطبق مع الخبز العراقي التقليدي ويعتبر من الأطباق الدسمة التي تقدم في المناسبات الخاصة.
الحلويات البغدادية:
زلابية
حلوى مقلية تحضر من عجينة الدقيق وتغمس في شراب السكر.
بالإضافة إلى ذلك تقدم الزلابية في المناسبات والأعياد وتعتبر من الحلويات الشعبية في بغداد.
دهينة
حلوى تحضر من الطحين والسكر والهيل والسمسم، وتخبز حتى تكتسب لونا ذهبيا.
بالإضافة إلى ذلك تعد الدهينة من الحلويات التقليدية التي تُقدَّم مع الشاي.
اقرا أيضا: نوري المالكي .. من المنفى إلى حكم العراق