ازمة الكهرباء في العراق
تعد أزمة الكهرباء في العراق من أبرز المشكلات التي تعاني منها البلاد منذ عقود، ورغم الوعود الحكومية المتكررة بحلها، إلا أن الوضع يزداد سوءا مع مرور الوقت.
إذ لا يزال المواطن العراقي يعاني من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يوميا، مما يؤثر سلبا على الحياة اليومية، الاقتصاد، والخدمات الأساسية.
الكهرباء في العراق
مشكلة الكهرباء في العراق
تعود جذور أزمة الكهرباء في العراق إلى عدة عوامل تاريخية متشابكة أثرت على البنية التحتية للقطاع الكهربائي وأدت إلى تدهور خدماته.
في سبعينيات القرن الماضي، شهد العراق تطورا ملحوظا في قطاع الكهرباء، حيث تم إنشاء محطات توليد حديثة وشبكات توزيع واسعة لتلبية احتياجات النمو السكاني والتنموي.
مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في عام 1980، تعرضت المنشآت الكهربائية لأضرار جسيمة نتيجة الاستهداف المباشر وغير المباشر، مما أدى إلى تراجع قدرات التوليد والتوزيع.
تفاقمت هذه الأضرار خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، حيث تعرضت البنية التحتية لضربات مكثفة أدت إلى تدمير 96% من مولدات الطاقة الكهربائية، مما أعاد مستوى إنتاج الكهرباء إلى ما كان عليه قبل عام 1920.
بعد انتهاء الحرب، فرضت عقوبات اقتصادية صارمة على العراق، مما أعاق جهود إعادة الإعمار والصيانة اللازمة للمنشآت الكهربائية.
استمر هذا الوضع طوال تسعينيات القرن الماضي، حيث عانى القطاع من نقص التمويل وقطع الغيار والتقنيات الحديثة، مما أدى إلى استمرار تدهور الخدمات الكهربائية.
اقرا ايضا: نور زهير وسرقة القرن .. الاحتيال المالي الأكبر في تاريخ العراق
أسباب أزمة الكهرباء في العراق
كهرباء العراق
الفساد المالي والإداري
يعد الفساد المالي والإداري من أبرز العوامل التي أسهمت في استمرار أزمة الكهرباء في العراق.
على الرغم من تخصيص مليارات الدولارات لتحسين هذا القطاع منذ عام 2003.
تشير التقارير إلى إنفاق ما يزيد عن 80 مليار دولار على مشاريع الكهرباء، دون تحقيق تحسن ملموس في الخدمة المقدمة للمواطنين.
تتجلى مظاهر الفساد في عدة جوانب، أبرزها العقود الوهمية أو المبالغ فيها.
فقد تم توقيع عقود مع شركات غير مؤهلة أو حديثة التأسيس بمبالغ طائلة، دون تنفيذ المشاريع على أرض الواقع.
على سبيل المثال، تعاقدت وزارة الكهرباء مع شركة عمرها أسبوع واحد فقط بمبلغ 50 مليون دولار، مما يشير إلى غياب الشفافية في إبرام العقود.
بالإضافة إلى ذلك، تعاني الوزارة من سوء إدارة الأموال المخصصة للمشاريع.
ففي الفترة بين عامي 2017 و2022، خسرت الوزارة نحو 937 مليون دولار بسبب اعتمادها على عقود “خذ أو ادفع” (Take or Pay)، مما ألزمها بدفع مبالغ عن طاقة غير مستلمة.
كما أن المحاصصة السياسية وتوزيع المناصب بناء على الانتماءات الحزبية أسهما في تعيين أشخاص غير مؤهلين في مناصب حساسة داخل الوزارة.
مما أدى إلى ضعف في اتخاذ القرارات الفعالة وتباطؤ في تنفيذ المشاريع.
علاوة على ذلك، تعاني وزارة الكهرباء من تضخم في عدد الموظفين، حيث تم توظيف آلاف الأشخاص بناء على اعتبارات سياسية وحزبية، دون مراعاة الكفاءة أو الحاجة الفعلية.
هذا التضخم الوظيفي يزيد من الأعباء المالية على الوزارة، ويقلل من كفاءتها التشغيلية.
نتيجة لهذه الممارسات، يستمر المواطن العراقي في معاناة انقطاع التيار الكهربائي، خاصة خلال فصول الصيف الحارة، مما يضطره للاعتماد على مولدات الكهرباء الخاصة بتكاليف إضافية.
سوء التخطيط والإدارة
يعد سوء التخطيط والإدارة من العوامل الرئيسية التي أسهمت في استمرار أزمة الكهرباء في العراق على مدى العقود الماضية.
وعلى الرغم من تخصيص ميزانيات ضخمة لإعادة تأهيل وتطوير هذا القطاع الحيوي، إلا أن النتائج على أرض الواقع لم تكن بمستوى التطلعات.
الفساد المالي والإداري
تغلغل الفساد في مؤسسات الدولة، بما في ذلك وزارة الكهرباء، أدى إلى توقيع عقود مع شركات غير مؤهلة أو بأسعار مبالغ فيها، دون متابعة جدية لتنفيذ المشاريع.
هذا الفساد أسفر عن هدر مليارات الدولارات دون تحقيق تقدم يذكر في تحسين منظومة الكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المحاصصة السياسية وتوزيع المناصب بناء على الانتماءات الحزبية أسهما في تعيين مسؤولين غير كفوئين، مما زاد من تعقيد المشكلة.
تهالك البنية التحتية
تعاني شبكة الكهرباء في العراق من تقادم وتهالك كبيرين، نتيجة الحروب المتعاقبة وغياب الصيانة الدورية.
هذا التدهور في البنية التحتية يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الطاقة المنتجة أثناء عملية النقل والتوزيع، مما يقلل من كفاءة المنظومة ويزيد من فترات انقطاع التيار الكهربائي.
الاعتماد على الاستيراد
تلجأ الحكومة العراقية إلى استيراد الكهرباء من دول الجوار مثل إيران وتركيا لتعويض النقص في الإنتاج المحلي.
إلا أن هذا الحل لا يعالج أصل المشكلة، بل يجعل العراق أكثر تبعية للدول الأخرى، مما يضعه في مواقف ضعيفة عند حدوث أزمات سياسية أو خلافات مع هذه الدول.
غياب الاستثمار في الطاقة المتجددة
رغم أن العراق يمتلك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، إلا أن نقص الوقود لمحطات الكهرباء يمثل مشكلة مزمنة.
فبدلاً من استغلال الغاز المصاحب لاستخراج النفط، يتم حرقه وهدره دون استخدامه في توليد الكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، لم تبذل الحكومة جهودا كافية للاستثمار في الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، رغم توفر الظروف الملائمة لذلك.
اقرا ايضا: السدود في العراق .. شريان الحياة ومصدر الطاقة المتجددة
التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة الكهرباء في العراق
تؤثر أزمة الكهرباء بشكل مباشر على الاقتصاد العراقي.
حيث تتسبب في تعطل المصانع، وتزيد من تكاليف الإنتاج، مما يؤدي إلى ضعف النشاط الصناعي والتجاري.
كما أنها تؤثر على قطاع الزراعة، إذ تعتمد أنظمة الري الحديثة على الكهرباء.
أما من الناحية الاجتماعية، فإن انقطاع الكهرباء المستمر يزيد من معاناة المواطنين.
خاصة خلال فصول الصيف الحارة حيث تصل درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية، مما يعرض حياة الكثيرين للخطر، خاصة الأطفال وكبار السن.
انقطاع الكهرباء في العراق
يعاني العراق من أزمة كهرباء مستمرة تتجلى في انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي. فيما يلي بعض الأرقام والإحصائيات المتعلقة بهذه الأزمة:
العجز المتوقع في صيف 2025
توقّع وزير الكهرباء العراقي، أن يصل الطلب على الكهرباء في صيف 2025 إلى نحو 55 ألف ميغاواط، في حين يُتوقع أن تصل معدلات الإنتاج إلى 29 ألف ميغاواط، مما يعني وجود عجز قدره 26 ألف ميغاواط.
فقدان القدرة التوليدية بسبب نقص الغاز
في ديسمبر 2024، فقدت شبكة الكهرباء العراقية أكثر من 8 آلاف ميغاواط من قدرتها التوليدية بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني، مما أدى إلى زيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المحافظات.
الإنفاق على قطاع الكهرباء
منذ عام 2003، أنفق العراق نحو 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء، ومع ذلك، لا يزال يعاني من عجز في تلبية الطلب المحلي.
الاعتماد على المولدات الأهلية
بسبب الانقطاعات المستمرة، يعتمد المواطنون على المولدات الأهلية لتعويض نقص الكهرباء.
في عام 2023، قدّر عدد هذه المولدات بحوالي 4.5 مليون مولدة، مما يضيف أعباء مالية إضافية على الأسر العراقية.
فقدان الطاقة أثناء التوزيع
من بين 16 ألف ميغاواط التي ينتجها العراق، يتم فقدان نحو 40% أثناء عملية التوزيع بسبب شبكة النقل غير الفعّالة.
كهرباء بغداد
تعَد بغداد من أكبر مستهلكي الكهرباء في العراق، حيث تستهلك أكثر من 50% من إجمالي الإنتاج الكهربائي للبلاد.
يقدر العجز الكهربائي في بغداد بحوالي 18 ميغاواط، مما يؤدي إلى انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، خاصة خلال فصول الصيف حيث تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
تتأثر العاصمة بشكل كبير بنقص إمدادات الغاز الطبيعي، خاصة المستورد من إيران، والذي يُعَد وقودا أساسيا لتشغيل محطات توليد الكهرباء.
في ديسمبر 2024، أدى انخفاض إمدادات الغاز الإيراني إلى فقدان شبكة الكهرباء العراقية أكثر من 8 آلاف ميغاواط من قدرتها التوليدية، مما زاد من معاناة المواطنين في بغداد وبقية المحافظات.
بالإضافة إلى ذلك، تعتمد بغداد بشكل كبير على المولدات الأهلية لتعويض نقص الكهرباء، مما يضيف أعباء مالية إضافية على الأسر.
تقدر نسبة الفاقد في شبكة التوزيع بحوالي 40% من إجمالي الإنتاج، نتيجة لتهالك البنية التحتية وعمليات السرقة، مما يزيد من تفاقم أزمة الكهرباء في العاصمة.
انتاج الكهرباء في العراق
إليك أحدث الأرقام والمعلومات المتاحة حول إنتاج الكهرباء في العراق:
إجمالي إنتاج الكهرباء
في عام 2022، بلغ إجمالي إنتاج المنظومة الكهربائية في العراق 139,575,645 ميغاواط ساعة، مقارنة بـ127,571,864 ميغاواط ساعة في عام 2021، مما يمثل زيادة بنسبة 9.4%.
الطاقة المنتجة
في عام 2022، وصلت كمية الكهرباء المنتجة إلى 115,530,134 ميغاواط ساعة، مقارنة بـ86,106,907 ميغاواط ساعة في عام 2021، بزيادة قدرها 34.2%.
الطاقة المباعة للمستهلكين
في عام 2022، بلغت كمية الكهرباء المباعة للمستهلكين 56,283,999 ميغاواط ساعة، مقارنة بـ53,469,510 ميغاواط ساعة في عام 2021، بزيادة نسبتها 5.3%.
عدد محطات التوليد
في عام 2022، بلغ عدد محطات توليد الكهرباء في العراق 75 محطة، وهو نفس العدد المسجل في عام 2021.
العجز في الطاقة
يحتاج العراق إلى حوالي 42,000 ميغاواط لتلبية احتياجاته الكهربائية، في حين أن الإنتاج المتاح يبلغ حوالي 27,000 ميغاواط، مما يعني وجود عجز قدره 15,000 ميغاواط.
خدمات الكهرباء في العراق
كيفية قراءة مقياس الكهرباء في العراق:
لقراءة العداد الكهربائي (المقياس) في العراق:
- راقب الشاشة الإلكترونية للعداد حتى يظهر الرمز “/180/” في أعلى يسار الشاشة.
- سجل القراءة الظاهرة، والتي تمثل استهلاكك بالكيلوواط ساعة.
- لحساب تكلفة الاستهلاك، يمكنك استخدام حاسبة الاستهلاك المتوفرة على الموقع الرسمي لوزارة الكهرباء العراقية.
رقم الكهرباء في العراق:
خصصت وزارة الكهرباء العراقية عدة أرقام لتلقي شكاوى المواطنين:
- محافظة بغداد الكرخ: 157
- محافظة بغداد الرصافة: 158
- مدينة الصدر: 1012
- محافظات أخرى: 159
يمكن للمواطنين استخدام هذه الأرقام للإبلاغ عن الأعطال أو تقديم الشكاوى المتعلقة بخدمات الكهرباء.
حساب نقاط الكهرباء في العراق
في العراق، يُعتبر “نقطة الكهرباء” وحدة قياسية تستخدم في حساب تكاليف التأسيسات الكهربائية في المباني.
تُعرَّف النقطة الكهربائية بأنها كل موضع يتطلب تركيب جهاز كهربائي أو وحدة إنارة، مثل المفتاح الكهربائي (السويتش)، المقبس (البريز)، أو مصباح الإنارة.
كيفية حساب عدد النقاط الكهربائية:
لحساب إجمالي عدد النقاط الكهربائية في مبنى معين، يتم اتباع الخطوات التالية:
- تحديد الأجهزة والمواقع: قم بإعداد قائمة شاملة بجميع الأجهزة والمواقع التي ستحتاج إلى توصيل كهربائي، مثل:
- مفاتيح الإنارة.
- المقابس الكهربائية.
- نقاط توصيل الأجهزة الكهربائية (مثل المكيفات، السخانات، وغيرها).
- تحديد عدد النقاط لكل جهاز أو موقع:
- مفاتيح ومقابس الإنارة: يُعتبر كل مفتاح أو مقبس نقطة واحدة.
- الأجهزة الكبيرة (مثل المكيفات): قد تُحسب بعض الأجهزة الكبيرة كنقطة واحدة أو أكثر، بناءً على متطلبات التأسيس والتوصيلات الخاصة بها.
- حساب المجموع الكلي: اجمع جميع النقاط المحسوبة للحصول على العدد الإجمالي للنقاط الكهربائية في المبنى.
اقرا ايضا: العراق .. مهد الحضارات ومنبع التاريخ