الامام الحسين عليه السلام
في صفحات التاريخ تبرز شخصيات صنعت المجد بدمائها وصبرها ومواقفها الثابتة، وعلى رأسهم الامام الحسين عليه السلام، الذي أصبح رمزا للحق والعدل والكرامة، وصار اسمه يرتبط بالتضحية والفداء.
في كل عام، تعود ذكرى عاشوراء لتجدد الوعي بقيم الحرية والوقوف بوجه الظلم، فتشرق دماء الحسين كنور يضيء دروب المظلومين.
مولد الامام الحسين
مولد الامام الحسين عليه السلام
ولد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، حفيد رسول الله ﷺ وابن فاطمة الزهراء، في الثالث من شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة، الموافق للعاشر من يناير/كانون الثاني عام 626 ميلادية.
وقد جاء ميلاده في وقت حساس من تاريخ الأمة، ليكون حدثا استثنائيا في سيرة آل البيت عليهم السلام.
الإمام الحسين هو الابن الثاني لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والسيدة فاطمة الزهراء بنت النبي محمد ﷺ، بعد أخيه الأكبر الحسن، الذي ولد في الخامس عشر من رمضان في العام الثالث للهجرة.
وبهذا، يفصل بين ولادة الشقيقين نحو 11 شهرا و11 يوما، وجاءت ولادتهما بعد مضي قرابة عامين ونصف على زواج الإمام علي والسيدة فاطمة، وكان عمر الإمام علي حينها نحو 27 عاما، والسيدة فاطمة قرابة 22 عاما.
تسمية استثنائية من قلب النبوة
حين بلغ النبي ﷺ بخبر الولادة، أسرع إلى بيت الإمام علي والسيدة فاطمة، تغمره مشاعر الفرح.
وبحسب ما ورد في الروايات، قال عند وصوله: “أروني ابني، ما سميتموه؟”، فردّ الإمام علي قائلا: “حرب”.
لكن النبي ﷺ، الذي لم يرق له هذا الاسم، بادر إلى تغييره قائلا: “بل هو حسين”.
ويذكر أن النبي ﷺ كان قد سمى أخاه الأكبر “الحسن”، بعد أن رفض أيضا تسميته بـ”حرب”، ما يشير إلى دلالات رمزية أرادها النبي في منح الاسمين “الحسن” و”الحسين” لهذين الحفيدين المباركين.
لم تكن هاتان التسميتان مألوفتين في أوساط العرب آنذاك، ما يعزز من خصوصية الحدث وفرادته في سياق التاريخ الإسلامي، فالحسن والحسين اسمان لم يعرفا في العرب من قبل، وقد خص بهما سبطا رسول الله ﷺ.
اقرا ايضا: الإمام علي بن أبي طالب .. قصة الاستشهاد الكاملة
النشأة في كنف النبوة
عاش الحسين بن علي رضي الله عنهما في كنف النبوة، مستظلا بحنان جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أحاطه بالعطف والرعاية طيلة ست أو سبع سنوات من طفولته الأولى.
كان النبي عليه الصلاة والسلام يدخل بيت ابنته السيدة فاطمة الزهراء ويقول لها:
“ادعي لي ابني”، فيأخذ الحسن والحسين ويضمهما ويقبلهما.
وكان صلى الله عليه وسلم يلاعب الحسن والحسين ويحملهما على كتفيه قائلا: “حزقة حزقة ارق بأبيك عين بقة”، فيصعدان على عاتقه الشريف.
وفي صلاته، كان يطيل السجود حين يرتقيان على ظهره حتى يظن الناس أن الوحي ينزل عليه، فيقول بعد الصلاة:
“ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجّله”.
وكان إذا مر ببيت السيدة فاطمة وسمع بكاء الحسين يقول: “يا فاطمة أسكتيه ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني”، فيأخذه ويمسح دموعه ويهدئه.
هذا الحب العميق لم يكن مألوفا، حتى إن الأقرع بن حابس التميمي، لما رأى النبي يقبل الحسن، قال:
“إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم”، فرد عليه النبي: “من لا يرحم لا يُرحم”.
وبهذه الرعاية الغامرة، زرع النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب الصحابة محبة كبيرة للحسن والحسين، إذ كان يردد:
“من أحب الحسن والحسين فقد أحبني”، وقال في الحسين خاصة: “حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا”.
هكذا نشأ الحسين في حضن النبوة، محفوفا بمشاعر الحب والرعاية، لينمو على معاني العزة والرحمة التي ظل يحملها حتى آخر لحظة في حياته.
أهم المحطات في حياة الإمام الحسين عليه السلام
السنة الهجرية / الميلادية | الحدث |
---|---|
4 هـ / 626 م | ولادة الإمام الحسين عليه السلام في المدينة المنورة. |
11 هـ / 632 م | وفاة جده النبي محمد ﷺ، وكان عمره نحو 7 سنوات. |
11 هـ / 632 م | وفاة والدته السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها. |
36 هـ / 656 م | دخول الكوفة مع والده الإمام علي بعد موقعة الجمل. |
40 هـ / 661 م | استشهاد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. |
41 هـ / 661 م | مبايعة الإمام الحسن بالخلافة بعد استشهاد والده. |
41 هـ / 661 م | صلح الإمام الحسن مع معاوية، والذي عارضه الإمام الحسين بداية. |
50 هـ / 670 م | وفاة الإمام الحسن عليه السلام، وتولي الإمام الحسين شؤون آل البيت. |
60 هـ / 680 م | رفض مبايعة يزيد بن معاوية بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان. |
61 هـ / 680 م | خروج الإمام الحسين من مكة متجها إلى الكوفة. |
10 محرم 61 هـ / 10 أكتوبر 680 م | استشهاد الإمام الحسين في كربلاء، في معركة خلدها التاريخ الإسلامي. |
آل البيت
في سنوات طفولة الامام الحسين عليه السلام التي عاشها في كنف بيت النبوة، شهد بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداثا مؤلمة.
منها وفاة ابنته السيدة زينب عام 7هـ، ومولد ابنه إبراهيم عام 8هـ ووفاته عام 10هـ، وكذلك وفاة ابنته أم كلثوم عام 9هـ، لتلحق بأختها رقية التي توفيت عام 2هـ.
وهكذا، عند وفاة النبي في العام 11هـ، لم يبق من نسله سوى السيدة فاطمة وأولادها، الذين سمت بناتها بأسماء أخواتها الراحلات: رقية وأم كلثوم وزينب.
ولهذا خص الحديث الشريف آل بيت النبي بهذا النسب، فهم أصحاب الكساء الذين ضمهم النبي في مرطه وقال فيهم: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}.
وهناك من وسع دائرة المصطلح ليشمل بني هاشم وأزواج النبي.
الحسين في عهد الراشدين
ظل الحسن والحسين في عهد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما محل تقدير ومحبة، رغم صغر سنهما.
كان أبو بكر إذا خرج من صلاة العصر يجد الحسن يلعب، فيحمله ويقول مداعبا: “بأبي.. شبيه بالنبي.. لا شبيه بعلي”، وعلي يبتسم، وهو قول نسب أيضا إلى السيدة فاطمة.
وكانت أقسى لحظات الطفولة على الحسن والحسين وفاة أمهما السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها في الثاني من رمضان سنة 11هـ.
بعد نحو ستة أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي في ريعان شبابها لم تكمل الثلاثين، تاركة ولديها في سن الطفولة المبكرة.
ومع أواخر عهد عمر بن الخطاب، كبر الحسين وتجاوز مرحلة الطفولة، وكان عمر يدعوه ويدخل عليه قبل المهاجرين والأنصار، ويقدمه على ابنه عبد الله بن عمر قائلا: “أنت أحق من ابن عمر، فإنما أنبت ما في رؤوسنا الله ثم أنتم”.
وكان يمنح الحسن والحسين عطية أهل بدر، ويخصهما بأفضل الكسوة حين يكسو أبناء الصحابة، حتى إنه أرسل إلى عامله في اليمن يطلب حلتين لهما خصيصا.
ومع بداية خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، كان الحسين شابا في التاسعة عشرة من عمره، فظهرت مكانته بين الصحابة، وشارك في الحياة العامة وأبدى رأيه في شؤون الأمة.
شارك في فتح إفريقية بقيادة عقبة بن نافع، ثم في فتح طبرستان سنة 30هـ بقيادة سعيد بن العاص.
وبقي في المدينة حتى انتقل إلى الكوفة مع والده الإمام علي، ودخلها في أول رجب سنة 36هـ بعد موقعة الجمل.
خلافة الحسن
قُتل الإمام علي رضي الله عنه غيلةً وهو في طريقه إلى المسجد في رمضان عام 40هـ.
وحين طُلب منه أن يستخلف ابنه الحسن، رفض، مفضلا أن يترك الناس يختارون كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد وفاته، بايع قيس بن سعد بن عبادة الحسن، فسكت الإمام فبايعه الناس، وأصبح خليفة المسلمين.
رأى الحسن ووجهاء جيشه ضرورة إنهاء حركة معاوية في الشام.
فتحرك بجيش يقوده قيس بن سعد وعبيد الله بن عباس، لكن الشائعات بقتل قيس فتتت صفوف الجيش، وانتشر النهب حتى طُعن الإمام الحسن نفسه، فاضطر إلى الصلح مع معاوية عام 41هـ، وسمي هذا العام بـ”عام الجماعة”.
رفض الامام الحسين عليه السلام هذا الصلح في البداية، لكن الحسن هدأه وقال له بإشفاق الأخ الأكبر: “لقد هممت أن أحبسك فلا أطلقك حتى ينتهي هذا الأمر”.
جاء حجر بن عدي الكندي يلوم الحسين على قبول الصلح ويحثه على القتال، لكن الحسين رفض قائلاً: “إنا قد بايعنا وعاهدنا ولا سبيل لنقض بيعتنا”.
دامت خلافة الحسن سبعة أشهر، أتمت بها فترة الخلافة الراشدة ثلاثين عاما.
كانت فيها أسرة الإمام علي حاضرة في الشأن العام، مستشارة للخلفاء، ولم ينعزل علي رغم تأخر بيعته لأبي بكر حتى وفاة فاطمة، وظل موضع تقدير الخلفاء الثلاثة، حتى قال عمر في القضايا المستعصية: “قضية ولا أبا حسن لها”.
استشهاد الامام الحسين
استشهد الإمام الحسين بن علي عليه السلام في العاشر من شهر محرم سنة 61 للهجرة، في كربلاء، في واحدة من أبشع المآسي التي عرفها تاريخ الأمة الإسلامية.
وقف الحسين بقلب ثابت وإيمان راسخ مدافعا عن الحق، رافضا البيعة ليزيد بن معاوية الذي رأى فيه انحرافا عن نهج جده المصطفى صلى الله عليه وسلم، رافضا الظلم والفساد مهما كان الثمن.
خرج الامام الحسين عليه السلام بأهله وأصحابه قاصدا الكوفة بعد أن كُتب إليه بالبيعة والنصرة، فحوصر في كربلاء مع قلة من أنصاره، حرموا الماء، وضُيّق عليهم حتى اشتد بهم العطش والجوع.
ورغم معرفته بمصيره، أبى الحسين أن يذل أو يركن للظالمين، وقال قولته الخالدة: “هيهات منا الذلة”.
وفي يوم عاشوراء، وقعت الملحمة الدامية، حيث استبسل الحسين وأهل بيته وأصحابه في قتال جيش يزيد الذي فاقهم عددا وعدة.
واستشهدوا واحدا تلو الآخر، حتى بقي الحسين وحيدا يواجه مصيره، مضرجا بدمائه، يودع طفله الرضيع الذي ذبحوه بين يديه، ثم خر شهيدا على أرض كربلاء، سيف الحق في يده وراية الحرية في قلبه.
بكى المسلمون دمه الطاهر، وظلت كربلاء جرحا نازفا في ضمير الأمة، وشاهدة على أن الدم ينتصر على السيف، وأن الكرامة أغلى من الحياة نفسها.
أهم الأسئلة عن الإمام الحسين عليه السلام
هو الحسين بن علي بن أبي طالب، حفيد النبي محمد ﷺ، وابن السيدة فاطمة الزهراء، وأحد سبطي رسول الله. يُعد من أبرز رموز الإسلام في التضحية والعدل.
ولد في المدينة المنورة يوم الثالث من شعبان سنة 4 هـ، الموافق 10 يناير/كانون الثاني 626م.
خرج بعد رفضه مبايعة يزيد بن معاوية، معتبرا أن بيعته تعني شرعنة الظلم والانحراف عن نهج الإسلام.
ثباته في وجه جيش ضخم رغم قلة أنصاره، ورفضه الذل، وقوله الشهير: “هيهات منا الذلة”.
من أبرزهم: العباس بن علي، زهير بن القين، حبيب بن مظاهر، وعشرات من أهل بيته وأصحابه.
اقرا ايضا: شارع المتنبي .. قلب بغداد الثقافي وأيقونة الفكر والأدب